نقل النظام السوري التسويات التي يجريها مع منشقين عن قواته أو مطلوبين من أجهزته الأمنية المتعددة، إلى بلدات في ريف دمشق، في استمرار للسياسة التي يراها بديلاً عن قرارات دولية في حال تطبيقها ستؤدي إلى زواله.
وباشرت لجان التسوية التابعة للنظام، أمس الأحد، العمل في بلدة زاكية جنوب غربي العاصمة دمشق، لإجراء “مصالحات” شبيهة بالتي جرت في عدة مناطق سورية، مع المنشقين عن قوات النظام أو المطلوبين للخدمة الإلزامية والاحتياطية والمطلوبين للأجهزة الأمنية على خلفية موقفهم من الثورة.
وادّعت وكالة “سانا” التابعة للنظام، أن العشرات “توافدوا من أبناء بلدة زاكية إلى مركز التسوية الذي فتحته الجهات المعنية في البلدة اليوم (الأحد)، لتسوية أوضاعهم في إطار استكمال اتفاقات التسوية التي طرحتها الدولة”.
وكانت قد بدأت عمليات التسويات في بلدة الكسوة في ريف دمشق الجنوبي، أول من أمس السبت، بمشاركة من “الأصدقاء الروس”، وفق تعبير محافظ ريف دمشق المعيّن من قبل النظام معتز أبو النصر جمران، الذي أشار في حديث مع جريدة “الوطن” التابعة للنظام إلى أن قطار التسويات سينتقل من بلدة زاكية إلى البلدات والقرى الأخرى.
تسويات مع مليشيات تابعة للنظام السوري
ولطالما تحدثت وسائل إعلام النظام عن “إقبال جماهيري” إلى مراكز التسويات في مختلف المناطق السورية، إلا أن المعطيات تؤكد أن المناطق الخاضعة للنظام لم يبق فيها من هو مطلوب للخدمة في قوات النظام أو للأجهزة الأمنية، ومن ثم فإن أغلب الذين يأتون إلى هذه المراكز هم من أفراد المليشيات المحلية التابعة للنظام الذي يستقدمهم لغايات إعلامية بحتة.
لجنة المصالحة استثنت بند إطلاق سراح المعتقلين من اتفاق التسوية
من جهتها، أكدت شبكة “صوت العاصمة” الإعلامية، أن “لجنة المصالحة استثنت بند إطلاق سراح المعتقلين من اتفاق التسوية، وأن العملية ستتم من دون إطلاق سراح أي معتقل”.
وأشارت إلى أن جهاز الأمن العسكري (الأكثر قسوة في التعامل مع المدنيين مع جهاز المخابرات الجوية)، هو من يتولى عمليات التسوية في ريف دمشق بعد استلامه ملف المنطقة من الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد.
وبينت الشبكة “أن التسوية ستشمل المنشقين عن جيش النظام، على أن يلتحقوا بقطعهم العسكرية بشكل فوري”، مشيرة إلى أن التسوية “ستمنح المتخلفين عن أداء الخدمة العسكرية مهلة مدتها ثلاثة أشهر لتسليم أنفسهم لشعب التجنيد”.
وكان أغلب ريف دمشق خرج عن سيطرة النظام لسنوات قبل أن يستعيده بدعم روسي عقب اتفاقيات مع فصائل المعارضة السورية التي انتقل جل أفرادها إلى الشمال السوري، خشية تعرضهم لعمليات انتقامية من قبل الأجهزة الأمنية التي فتكت بالفعل بكل من تشك بولائه للنظام في المناطق التي استعادت السيطرة عليها.
وفي السياق، ذكرت وسائل إعلام النظام أمس أنه جرى تمديد التسويات في محافظة درعا، مدّعية أن العدد وصل خلال الأيام الثلاثة إلى 1406 تسويات ما بين مدني وعسكري وشرطي.
وكانت بلدات محافظة درعا أجرت تسويات أواخر العام الماضي على أساس رؤية روسية للحل في جنوب سورية، تقوم على سحب السلاح الفردي و”تسوية” أوضاع المسلحين والمطلوبين للأجهزة الأمنية والمنشقين عن قوات النظام، في مقابل سحب الحواجز التي كانت تقطّع أوصال المحافظة.
إلى ذلك، مدد النظام التسويات في محافظتي دير الزور والرقة بسبب قلة الإقبال على المراكز التي أقامها في مراكز سيطرته، لجذب الشبان من مناطق تحت سيطرة “قوات سورية الديمقراطية” (قسد).
إعادة تدوير نظام بشار الأسد
وتعليقاً على سياسة التسويات التي اتسع نطاقها في مناطق سيطرة النظام، رأى الباحث في مركز “الحوار السوري” ياسين جمول، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “الأسد وحلفاءه يعملون على إعادة تدوير النظام وتقديمه لدول العالم بأنه المنتصر، من دون النظر في ماهية الانتصار الموهوم”.
وتابع: من أهم معالم مزاعم حلفاء الأسد في فرضه سياسياً على المستوى الإقليمي والدولي، إعادة فرض سيطرته على المناطق التي كانت مع قوى الثورة والمعارضة.
النظام لم يكن حاضراً أو مشاركاً بعدة تسويات
وأشار جمول إلى “أنّ النظام لم يكن حاضراً أو مشاركاً بعدة تسويات، ففي مناطق من حمص كانت التسوية بأيدي الإيرانيين وقيادة حزب الله، فهم مَن تفاوضوا مع الثوّار حتى أنجزوا التسوية، وفي الغوطة والجنوب كانت الكلمة للروس في خطوات التسوية”.
وأضاف: الموضوع إعادة تسويق من حلفاء نظام الأسد له وفرضه سياسياً لاستقطاب الدعم الدولي وتمرير عقود، يستفيد منها في ظل ظروفه وظروف حلفائه الاقتصادية الصعبة.
وتدل التسويات التي يجريها النظام على أن الأخير وضع القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية السورية خصوصاً القرار 2254 وراء ظهره، ويريد العودة بسورية إلى ما قبل عام 2011 خصوصاً لجهة السيطرة الأمنية.
ومن الواضح أنه لن يتجاوب مع مساعي الأمم المتحدة الهادفة إلى تطبيق القرار المذكور ما يعني توقف العملية السياسية بشكل كامل.
العربي الجديد