صدى عودة رفعت الأسد إلى سوريا.. هل نصبت صوره في شوارع القرداحة؟

أثارت عودة رفعت الأسد، عم رئيس النظام بشار الأسد، ردود فعل متفاوتة لدى أوساط السوريين عموماً، ولدى أهالي القرداحة – مسقط رأسه – على وجه الخصوص، إذ كثرت الأقوال والتحليلات وتباينت ردود الأفعال حولها.

وصل رفعت الأسد إلى دمشق، في السابع من تشرين الأول الجاري بعد أن سمح له ابن أخيه بعودة مشروطة تحت “ضوابط صارمة” وذلك منعاً لسجنه في فرنسا التي حكمت عليه بالسجن 4 أعوام بتهمة “الكسب غير المشروع”، حيث قضى ليلته الأولى وغادر بعدها إلى منزله في القرداحة.

لم يمر خبر عودة “جزار حماة” مرور الكرام، إذ تلقفه بعض من أبناء طائفته مرحبين “بعجوز هرم عاد ليموت في بلدته الصغيرة”، في حين لم يستطع آخرون، وهم كُثر، إضمار خوفهم من تكرار سيناريو الاقتتال على الحكم بين العم وابن أخيه، على غرار سيناريو الثمانينيات.

وما بين هذا وذاك، تناول البعض الخبر بسخرية، متداولين عبارات على شاكلة: “أعطيني زنزانة بفرنسا وخود البطاقة الذكية”.

رفعت “المخلّص”

عدنان سليمان، أستاذ لغة عربية في قرية قرب القرداحة قال لتلفزيون سوريا: “أكثر ما أدهشني ردة فعل عدد كبير من الشبان العلويين الذين لم يعرفوا رفعت، لكنهم في الوقت ذاته يعتبرونه المخلّص”.

وأضاف: “يبدو أن غياب رفعت ساعد في أسطرته، ولا أدري إن كانت حالة عفوية من قبل محبيه البسطاء أم هي حالة مدروسة”، بحسب تعبيره.

وعلى ذكر إبداء الترحيب برفعت، تداولت صفحات موالية خبراً مفاده أن صوراً له نُصبت في أحياء القرداحة، من دون نشر أي توضيحات، وللتأكد من صحة ما جرى تداوله، جالت كاميرا تلفزيون سوريا في المدينة، إلّا أنها لم ترصد أي مظاهر خارجة عن المألوف أو صوراً سوى لرئيس النظام بشار الأسد.

حمل البيان الصادر عن النظام بتاريخ 8 تشرين الأول، الذي نشرته صحيفة “الوطن” الموالية، تأكيد بشار الأسد على أن عمه “لن يكون له أي دور سياسي أو اجتماعي” في سوريا، كرد سابق على أي تساؤلات قد تصدر عن الموالين لنظامه أو أبناء طائفته، مشبهاً عودة عمه إلى سوريا بعودة أي مواطن سوري آخر.

يسار (اسم مستعار)، وهو معارض ومعتقل سابق ينحدر من اللاذقية، علّق على البيان بالقول: “الحقيقة الواضحة والوحيدة هي أن سوريا مزرعة لآل الأسد وهو واضح في الخبر الذي تناول عودة رفعت، حيث أكد على أن بشار الأسد ترفع عما قام به عمه، وهنا يؤكد المؤكد أن البلاد عشيرة، يديرها شيخ ويحكمها بأهوائه ومزاجه، يترفع يغضب ينتقم ويسامح من دون قضاء ومؤسسات مسؤولة”.

وأضاف بلهجة عامية: “يا أخي يضحك علينا ويعمل محاكمة ولو تمثيلية ويحكمه بالبراءة، أو يطلع عفو عن كم واحد من بينهم عمه”.

من جانبه اعتبر فراس طلاس، ابن وزير الدفاع السابق وأبرز وجوه ما يُسمى “الحرس القديم” مصطفى طلاس، في منشور سابق عبر صفحته في فيس بوك، أن عودة رفعت لن تقلق بشار الأسد بقدر ما ستقلق زوجته أسماء، “فسومر وريبال وسوار أبناؤه العائدون معه لديهم أطماع في السلطة ولديهم بعض العلاقات الدولية وفهم السياسة الدولية، والأهم لديهم علاقات عميقة مع ابن عمهم ماهر الأسد ومع مئات الضباط في الساحل”.

وجهة نظر أيدها “أبو علي”، وهو عميد متقاعد من أبناء الساحل، إذ اعتبر أن عودة رفعت هي “صفقة” هدفها اقتصادي بالدرجة الأولى.

وقال في تصريح لموقع تلفزيون سوريا: “ما يقلق أسماء الأسد ليس السلطة في سوريا، أسماء وبشار ورفعت، والصغير قبل الكبير يدرك أن السلطة في هذا البلد، بقاؤها ورحيلها، أمر مرهون بقرار وتوافق دولي”.

وأضاف: “عندما تتفق القوى الفاعلة على انتقال السلطة وتسليمها لأبي علي أو لزيد أو لعمرو فسيتم الأمر بغض النظر إن كان رفعت داخل أو خارج سوريا، إن ما تخشاه أسماء هو إخفاقها في أن تكون أنيسة مخلوف”.

وأشار “أبو علي” إلى أن أسماء تدرك جيداً أن رفعت ليس رامي مخلوف: “لم يلعب دور المسكين والشيخ بشكل سيئ كـ كومبارس مبتدئ وفاشل”، معتبراً أن تأثير رفعت الأكبر في أسماء وأولادها وآل الأخرس قد يكون اقتصادياً.

وتابع: “عودة رفعت صفقة مالية عقدها بشار الأسد ولا أملك أي دليل على قولي هذا سوى معرفتي بسلوكه ونهمه للمال”. نظرة “أبو علي” إلى أسباب عودة رفعت تكاد تتطابق مع المعلومات الخاصة التي حصل عليها تلفزيون سوريا، والتي أكدت أن الإيرانيين لم يوافقوا على عودته إلّا بعد أن تأكدوا أنه قادر على دعم اقتصاد النظام المنهار.

أحمد يوسف ( اسم مستعار)، رجل دين ينحدر من القرداحة كان له رأي مختلف حول عودة رفعت إلى سوريا، إذ رأى أن بشار الأسد ومن قبله حافظ، احتكروا مفهوم “الثواب والعقاب” لهم، معتبراً أن بشار لم يسمح لعمه بالعودة سوى لمنع “الفرنسي الغريب” من معاقبته.

كيف حمى رفعت نفسه من الاغتيال؟

مصدر مقرّب من عائلة رفعت صرّح أن عودة الأخير “كانت لعبة خطرة، والقائد (رفعت) خسر كثيراً من أمواله وهذا لا يهمه، المهم أن لا يدخل سجناً أو أن يُكسر في موقف”.

وأضاف في تصريح لموقع تلفزيون سوريا: “القائد لعب بحرفية عالية، ومخاطرة تليق برجل جسور مثله، وهو يعلم أن ما قام به كان من الممكن أن يسفر عن اغتياله”، مضيفاً: “لديه علاقات واسعة مع الجميع، الجميع بالمعنى الحرفي، من الولايات المتحدة الأميركية إلى الحكومات الفرنسية المتعاقبة والسعودية، وحتى إسرائيل”.

وتابع: “بلغ رفعت الرابعة والثمانين من العمر، لن يخسر شيئاً إن فضحهم جميعاً، قال في مناسبتين إنه لن يسجن أبداً، وهدد بذلك”.

هل سيلعب رفعت دوراً سياسياً في مستقبل سوريا؟

طرحنا هذا السؤال على مواليَين لرفعت الأسد ممن عملوا تحت إمرته في ثمانينيات القرن الماضي، إبان قيادته “لسرايا الدفاع”، في محاولة للإحاطة برأيهم حول إمكانية لعبِ رفعت دوراً في مستقبل سوريا السياسي.

علي ( اسم مستعار)، الذي يتفاخر بمشاركته في حصار دمشق (في أثناء محاولة انقلاب رفعت على أخيه حافظ) ويسميها “أيام العز” قال: “أتمنى أن يكون لرفعت دور في مستقبل سوريا، وهو له إن أراد لأنه القائد وابن هذه الطائفة (العلوية) أكثر من أخيه وابن أخيه، هو صديق الفقير أكثر من رامي مخلوف”.

رأي سخر منه حسن ( اسم مستعار)، إذ اعتبر أن “أحباب رفعت وجمهوره عجائز لا يجيدون غير الكلام الفارغ ولعب المنقلة وطاولة الزهر، في حين أن حلفاء بشار هم تجار دمشق وحلب والجيش والمخابرات وروسيا وإيران، هو (رفعت) رجل اشترى قبره وأتى ليموت هنا”.

وكان تلفزيون سوريا قد نشر تقريراً في 10 تشرين الأول الجاري، تضمن تفاصيل حصرية حول الاتفاق الذي عاد رفعت الأسد بموجبه إلى سوريا، وما تضمنه من شروط.

يذكر أن رفعت غادر الأراضي السورية عام 1984 برفقة 200 من أنصاره، واستقر في سويسرا ثم في فرنسا، إثر أزمة الحكم التي عصفت بسوريا بسبب صراع بينه وبين أخيه حافظ الأسد، وأسفرت عن رحيله إلى أوروبا.