فاقم تراجع سعر صرف الليرة التركية، من معاناة السوريين شمال غربي سورية الذين اعتمدوها كعملة تداول رئيسية، إلى جانب الدولار والليرة السورية، منذ يونيو/ حزيران العام الماضي.
وارتفعت أسعار السلع بأكثر من 30% في مناطق إدلب وشمال حلب الخارجة عن سيطرة نظام بشار الأسد، لتبلغ هذه الأيام، مستويات قياسية، هي الأعلى بتاريخ المنطقة بعد رفع شركة “وتد” قبل أيام أسعار المشتقات النفطية، الأمر الذي زاد من ارتفاع الأسعار بمنطقة تعاني من أعلى نسب البطالة والفقر، ربما على مستوى العالم.
عبد الرحمن يكشف خلال اتصال هاتفي أن رفع أسعار المحروقات الأسبوع الماضي، زاد من ارتفاع الأسعار، حتى المنتجة محلياً، من خضر وفواكه وسلع استهلاكية.
ويلفت المتحدث إلى أنه “لولا نعمة الطاقة الشمسية لكانت لرفع أسعار المشتقات النفطية آثار كارثية”، مشيراً إلى انتشار ألواح الطاقة الشمسية بشمال غربي سورية، التي تعدت الإنارة والاستخدام المنزلي، إلى المشاريع الزراعية وبعض المنشآت الصناعية الصغيرة.
وقبل أيام وللمرة الثانية خلال شهر، ارتفعت أسعار المشتقات النفطية، ليصل ليتر البنزين المستورد إلى 7.71 ليرات تركية والمازوت المستورد 7.61 ليرات تركية، وتجاوز سعر الدولار 9 ليرات تركية خلال الفترة الأخيرة.
وبررت “وتد” رفع أسعارها بالارتفاع الحاصل في أسعار النفط العالمي وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة التركية.
وقالت مصادر خاصة من الحكومة السورية المؤقتة إنّ “الفقر أكبر من قدرتنا على المساعدات” لكن رغم ذلك، قمنا بجولات على بعض المخيمات ووزعنا 250 ليرة تركية لكل أسرة وسنعود يوم الأربعاء لمخيمات أخرى بمنطقة رأس العين لنساهم بتخفيف معاناة الشعب ووصول النازحين إلى الحد الأدنى من المعيشة.
في المقابل، يكشف العامل بتوزيع المساعدات، من مخيم روحين للنازحين شمال غربي سورية، أحمد المدلل، أن المساعدات تراجعت “بأكثر من 100%” فاليوم تصل إلى أسر المخيمات سلة غذائية شهرية لا يتجاوز وزنها 50 كيلوغراماً مواد غذائية ومنظفات”، كما تتسلم بعض الأسر، مساعدات مالية تتراوح بين 50 و100 دولار شهرياً، لكنها انتقائية وعشوائية.
ومن جانبه، يرى رئيس مجموعة عمل اقتصاد سورية، أسامة القاضي، أن هناك أسبابا مجتمعة أوصلت السوريين بالمناطق المحررة، إلى أسوأ واقع معيشي وإنساني، ربما بالعالم، فهذه المنطقة الصغيرة التي يسكنها أكثر من 4.5 ملايين سوري، معظمهم أتوا من مدن ومناطق أخرى من دون أي رأسمال ولا يمتلكون منازل أو لديهم دخل، يعتمدون على فرص عمل تكاد تكون نادرة، بالقطاع الزراعي أو العمراني، ويعانون بالوقت نفسه من غلاء أسعار المواد وتقلبات الأسواق المستمر.
ويقترح الاقتصادي السوري خلال حديثه لـ”العربي الجديد” أن يتم العمل على تأمين بيئة اقتصادية، عبر جذب الاستثمارات وتقديم ميزات وإعفاءات للرساميل، فتلك المنطقة من أغنى مناطق سورية زراعياً، كما أن أي استثمار عقاري أو صناعي، مضمون النتائج والأرباح، مستدركاً بأن مخاوف اجتياح عسكري أو استمرار القصف الروسي والأسدي هي المخاوف الوحيدة لرأس المال.
وحول مطالبات سكان غربي سورية باعتماد الدولار بدل الليرة التركية المتقلب سعرها، وخروجهم بتظاهرات احتجاجية يوم الجمعة الماضي، يقول القاضي: “لا أعتقد أن المشكلة بنوع العملة المتداولة بقدر ما هي بتأمين عمل ودخل”.
ويكشف الوزير السوري أنّ لدى مجلس الوزراء بالحكومة المؤقتة التابعة للائتلاف المعارض، اجتماعاً يوم الخميس المقبل، لمحاولة إيجاد طرق أخرى لدعم السوريين ومحاولة التقليل من آثار الغلاء وويلات الشتاء المتوقعة هذا العام.
ويلفت الوزير إلى أن تراجع سعر صرف الليرة التركية، وعلى أهميته، ليس السبب الوحيد لفقر ومعاناة السوريين بمحافظتي إدلب وحلب المحررتين، لأنّ نسب ارتفاع أسعار النفط العالمية بلغت خلال عام نحو 120%، في حين لم تخسر الليرة أكثر من 20% من قيمتها، ولكن الأسباب تتضافر وتزيد معها المعاناة، مشيراً إلى أن 75% من المواد الغذائية التي تدخل المناطق المحررة، تأتي من خارج تركيا، ترانزيت، وبتسعير الدولار”.
وحول نسبة الفقر والبطالة وفرص العمل، يضيف الوزير أن المشكلة الأهم بعدم توفر فرص العمل ودخل ثابت للسوريين هناك، إذ تستضيف المناطق المحررة نحو 4.2 ملايين سوري، منهم 1.2 مليون بالمخيمات.
وكشف أن وزارته أجرت قبل أيام، دراسة عن تكاليف المعيشة للأسرة المؤلفة من خمسة أشخاص، فكان المتوسط 2000 ليرة تركية، في حين لا تتجاوز الدخول نصف هذا المبلغ.
المصدر: العربي الجديد