عروسان يملآن خيمتهما بالحب لمواجهة مصاعب النزوح.. ما قصتهما؟

لا يوفر السوريون جهداً في البحث عن الأمل في أحلك الظروف، وإيجاد الفرص من اللا شيء، وتحصيل السعادة من العدم، وكان آخرهم الشاب جمعة غزال، المهجر من ريف حلب الغربي، والذي جعل من خيمته المتواضعة مكاناً مملوءاً بالطموح والأمل، ليحتضنه رفقة زوجته في ليلة زفافهما.

ذلك المكان الذي انتشرت صورته كالنار في الهشيم على وسائل التواصل قبل ساعات، هو المكان ذاته الذي احتضن جمعة وزوجته أثناء زفافهما قبل نحو 20 يوماً، متغلبين على أقسى الظروف التي خلفها التهجير القسري.

قصة حب في زمن التهجير

التقى موقع تلفزيون سوريا بالشاب “جمعة غزال” (20 عاماً)، وحصل على تفاصيل قصته المفعمة بالتفاؤل. يروي جمعة أنه هُجر قسرياً من مدينة أورم الكبرى غربي حلب في شهر شباط عام 2020، رفقة عائلته وكل أبناء بلدته.

كان جمعة يخطط للزواج في ذلك الوقت، وكان يعمل ضمن صالون حلاقة، في حين كان والده يملك عيادة ومنزلين و3 سيارات، وكل شيء كان يسير على ما يرام استعداداً ليوم الزفاف.

خسر جمعة كل شيء بعد أن نزح رفقة عائلته من البلدة بسبب هجمات قوات النظام، وبدأت أحلام الزواج تتلاشى، خاصة عقب أن استقر في مخيم “راجعين” غربي مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي.

كان للشاب رأي آخر، إذ لم تجبره الظروف القاسية على إلغاء فكرة الزواج، ويقول “جمعة” إنه انخرط في صفوف الجيش الوطني السوري، وبدأ الرباط في منطقة تل أبيض شمالي الرقة، على بعد عشرات الكيلومترات عن عائلته.

فرصة لم تتحقق

عندما كان “جمعة” في منطقة تل أبيض يؤدي مهامه في الجيش الوطني لمدة 6 أشهر متواصلة، وصلته رسالة إلكترونية من عائلته، تعلمه فيها أن إحدى المنظمات الإنسانية تخطط لتزويج مجموعة من الشباب والتكفل بالنفقات كاملة.

عاد “جمعة” إلى المخيم، وبالفعل سجل اسمه في القائمة التي تعدها المنظمة، وتحدد الشهر الثاني من العام الجاري موعداً للزفاف، لكن الشاب يقول إن المنظمة ماطلت في الموضوع أكثر من ثلاثة مرات، ما دفعه للبحث عن حلول بديلة.

جمعة يحقق حلمه

بعد فترة من التفكير، قرر “جمعة” استدانة مبلغ 600 دولار، وبدأ بتجهيز خيمة جديدة في المخيم ذاته الذي تقطنه عائلته.

استغرق تجهيز الخيمة 20 يوماً، ووضع “جمعة” كل اهتمامه وتركيزه وإمكاناته فيها، لتصبح كما شاهدها عشرات الآلاف فيما بعد.

حقق “جمعة” حلمه في خيمته المتواضعة، وتزوج بعد بذله جهوداً كبيرة، ويؤكد أنه سعيد في حياته الزوجية، رغم العيش في المخيم، ويضيف: “بالآخر لازم نتزوج. السعادة لا تأتي بالبيت أو بالمال، المهم أن نكون أنا وزوجتي متفاهمين.. هذا هو سر السعادة”.

وأشار إلى أنه يواصل تأدية واجباته في الجيش الوطني بعد الزواج، حيث رفض أخذ إجازة بهذه المناسبة، وذهب إلى الرباط بعد ثلاثة أيام فقط من زفافه، حيث يقضي 4 أيام هناك، مقابل 8 أيام يستغلها للراحة.

وتعتبر قصة جمعة واحدة من قصص ملايين السوريين الذين لم تمنعهم ظروف التهجير أو اللجوء من تحقيق أحلامهم وطموحاتهم، وإثبات قدراتهم وتطويرها، آملين بغد أفضل، خالٍ من المتسببين بمآسيهم وأحزانهم، لسان حال يقول “لا يأس مع الحياة”.

تلفزيون سوريا