اجتاح فيروس “كورونا” مؤخرا منازل كثير من منازل أهالي مدينة جبلة (جنوبي اللاذقية) وأدى لوفاة عائلات بكاملها خلال الشهرين الماضيين وسط تغاضي النظام السوري عن اتخاذ أي إجراءات حقيقية لوقف انتشار المرض أو فرض إجراءات الوقاية.
وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي المحلية نعوات الوفيات بشكل يومي وبشكل غير مسبوق، وأفيد أن بعض الوفيات طالت في كثير من الأحيان عدة أشخاص من العائلة ذاتها.
وفي هذا الصدد كشف الناشط الإعلامي في جبلة أبو يوسف جبلاوي لموقع “تلفزيون سوريا” أن مدينة جبلة تشهد يوميا ما لا يقل عن حالتي وفاة إلى 3 داخل المدينة فقط بسبب تفشي الوباء، مضيفا أن الفيروس دخل بيوت معظم العائلات منذ قرابة شهر ونصف وعدد الإصابات في تصاعد مخيف.
ولفت “جبلاوي” إلى أن مدينة جبلة باتت موبوءة بشكل كبير ومشفى المدنية والمشفى الخاص مكتظ بالإصابات، في حين فضل عدد كبير من العائلات التداوي في المنزل وشراء أوكسجين رغم خطورة الحالات.
كما أشار إلى أن أجرة تداوي المريض في مشفى النور الخاص بالمدينة وصل إلى قرابة مليون ليرة لليوم الواحد بعدما امتلأت الأسرة في المشافي الحكومية.
مناشدات أطباء من المدينة
خلال أقل من 10 أيام فقدت عائلة من “آل هرموش” ثلاثة أشخاص هم الأب والأم وابنهم بالوباء، بعد إصابتهم بكورونا، كما طالت الإصابات عددا كبيرا من لاعبي فريق مدينة جبلة وتشرين في اللاذقية ما أجبر اتحاد كرة القدم التابع للنظام على تأجيل الجولة الخامسة من الدوري الشهر الماضي.
وفي ظل الانتشار الكبير للفيروس رصد موقع “تلفزيون سوريا” مناشدة من الطبيب قصي عبود في ريف مدينة جبلة دعا فيها حكومة النظام إلى تطبيق الحظر بشكل عاجل على المدينة والريف بأسرع وقت ممكن محذرا من آلاف الضحايا وقال:” مدينتنا الغالية في نفق مظلم لن تخرج منه إلا بآلاف الضحايا إذا لم تتدخل الحكومة بسرعة وتغلق المدارس والروضات وتطبق إجراءات الوقاية…ولو لعشرة أيام….لأن الرهان على الوعي أثبت بأنه رهان فاشل بامتياز”.
في حين كتب الطبيب في مشفى مدينة جبلة ياسر زلف على صفحته الشخصية: “الوضع أخطر مما يتصور معظم الناس.. يوم أمس دخل الإسعاف في مشفى جبلة الوطني أربعة مرضى شباب بحاله سريرية سيئة، الأكسجة منخفضة جداً وكل المعايير تستلزم قبولهم في المشفى ولا يوجد أسرة”.
وأضاف: “راجعت سجل الإسعاف والطبقي المحوري عشرات الإصابات كما راجعت في اليوم نفسه حالات متوسطة الشدة والتي يمكن أن تصبح شديدة خلال أيام.. أمام هذا الوضع نحن أمام انتشار كبير للفيروس في مدينة جبلة وريفها” وختم بالقول: “خلال هذه الفترة للأسف نحن أمام وقوع عشرات وربما مئات الوفيات في منطقة جبلة”.
استهتار رغم تفاقم الأوضاع:
في حديث لموقع “تلفزيون سوريا” قالت بشرى وهي معلمة مرحلة ابتدائية في مدينة جبلة إن المدارس ساعدت بشكل كبير على تأزم الوضع الصحي في المدينة، مضيفة أن معظم مدارس المدينة لا يقل عدد الطلاب في الشعب الصفية عن 40 طالبا، وهذا الأمر برأيها ساهم في وصول الفيروس إلى معظم البيوت.
من جانبه انتقد أبو خالد (39) عاماً من سكان مدينة جبلة حالة الاستهتار الكبير سواء من قبل الأهالي أو حكومة النظام وقال:” يوميا نسمع عن زيادة الوفيات ودعنا كثيرا من الأحباء والأعداد يوميا في ازدياد وكأن الجميع استسلم لقدره.. رغم كل ما حصل لا تكاد ترى 10 أشخاص في كل المدينة يلبسون كمامة، المدارس تكتظ بالطلاب، لا إجراءات من قبل الحكومة كل شخص ترك لمصيره”.
من جانب آخر تحدث أبو أكرم (51 عاما) لموقع تلفزيون سوريا عن تجربته في إصابة “كورونا” وقال:” عندما ساءت حالتي نقلت إلى مشفى جبلة الوطني بقيت لأربع ساعات على الكرسي لم يسألني أحد عن وضعي رغم أني دخلت بحالة إسعاف كانت الغرف ممتلئة بينهم شبان، ما اضطرني للتوجه إلى المشفى الخاص”.
وأضاف: “تكلفة الليلة الواحدة في المشفى وصلت إلى مليون ليرة.. خارج المشفى من الصعب جداً تأمين الأوكسجين، والأدوية غائبة في الصيدليات باتت سلعة تجارية يزداد سعرها بين ساعة وأخرى وتهرب كالممنوعات”.
لا تتوافر أرقام رسمية لعدد الإصابات والوفيات في جبلة من قبل وزارة صحة النظام، إلا أن ما تكشفه نعوات الأهالي ومناشدات الأطباء تؤكد خطورة الوضع الحالي في مدينة جبلة، لا سيما مع دخول الشتاء وقلة عدد الأشخاص الذين تلقوا اللقاح.
تلفزيون سوريا