شمال سوريا – بات الحديث عن انقطاع التيار الكهربائي -بمناطق سيطرة النظام السوري- الشغل الشاغل للسوريين بعد ازدياد كبير في عدد ساعات تقنين الكهرباء، فيما زاد الترويج لمسألة الطاقة البديلة كحل لأزمة الكهرباء في سوريا.
ورغم الوعود المتكررة -التي أطلقتها حكومة النظام على لسان وزير الكهرباء غسان الزامل بتحسن قادم في التيار الكهربائي- فإن واقع الحال يناقض كلام الوزير تماما بعد ارتفاع عدد ساعات انقطاع الكهرباء في عدة محافظات إلى أكثر من 22 ساعة مقابل ساعتي وصل، تنقسم إلى ساعة صباحا وأخرى في المساء.
ومع عجز النظام السوري عن حل مشكلة انقطاع الكهرباء -التي يردها إلى أعطال محطات التوليد ونقص الغاز اللازم لتشغيلها- لجأ السكان إلى حلول بديلة مكلفة لا تتناسب مع دخلهم الشهري.
كهرباء الأمبيرات
في مدينة حلب شمال سوريا يعاني السكان من انقطاع شبه مستمر للكهرباء يصل إلى أكثر من 20 ساعة مقابل ساعتين تخديم، ما دفع عددا كبيرا منهم إلى الاعتماد على كهرباء المولدات المأجورة من المستثمرين، رغم تكاليفها الباهظة.
ويحصل كل منزل على أمبير من خلال الاشتراك الأسبوعي بهذه المولدات، وهو قادر على تشغيل جزء بسيط من إنارة المنزل لمدة 3 ساعات في اليوم.
ثائر الحلبي (اسم مستعار) من سكان حلب قال إن قيمة الاشتراك الأسبوعي للأمبير الواحد ما يقارب 8 آلاف ليرة سورية، أي ما يعادل 32 ألف ليرة شهريا (10 دولار أميركي)، مضيفا أنه يدفع نصف راتبه الشهري للحصول على هذا الأمبير.
وأضاف الحلبي -في حديث للجزيرة نت- أن غلاء المازوت رفع أسعار الاشتراك بالأمبير؛ وهو ما دفع العديد من الأسر الفقيرة إلى الاستغناء عن الاشتراك والعودة إلى استخدام الشموع أو البطاريات القابلة للشحن في أحسن الأحوال، من أجل الحصول على جزء بسيط من الإنارة في الليل.
ومع حلول وقت المغيب تغرق معظم أحياء حلب الشرقية في الظلام، فلا قدرة لسكانها الفقراء على تحمل أعباء تلك الاشتراكات بالكهرباء المأجورة، في الوقت الذي زاد غياب التيار الكهربائي وانقطاعه من معاناتهم اليومية.
أم حسين -وهي من سكان حي الشعار في حلب- أكدت أن الأهالي استغنوا عن استخدام الثلاجة في المنزل، نتيجة انقطاع التيار الكهربائي المستمر، قائلة إن عادة تخزين المؤن من الخضار والأجبان أصبحت من الماضي، وأصبح الاعتماد على تأمين وجبة الطعام اليومية.
وأشارت أم حسين -في حديثها للجزيرة نت- إلى أن عدة أحياء في حلب -يسكنها أقاربها- لا تصل إليها الكهرباء على الإطلاق، ويعتمدون على المولدات الصغيرة لتشغيل الإنارة ليلا فقط.
الطاقة البديلة
ووسط هذه الأزمة الكبرى في انقطاع الكهرباء بمناطق سيطرة النظام السوري، بدأ عرض حلول لهذه المشكلة، حيث تحدث رئيس النظام السوري أثناء خطاب القسم في شهر مايو/أيار الماضي عن الاستثمار بالطاقة البديلة، معتبرا أن المرحلة القادمة في إطار الاستثمارات هي التركيز على الاستثمارات في الطاقة البديلة.
وانتقل الحديث إلى أن حكومة النظام بصدد إلزام الصناعيين باستخدام الطاقة البديلة (الشمسية والريحية) بدلا من الطاقة التقليدية (الكهرباء)، ويكون ذلك بإلزام الاستخدام الكامل أو الجزئي كمرحلة أولية وصولا إلى تحول المنشآت الصناعية من الكهرباء التقليدية إلى الطاقات المتجددة بشكل نهائي.
وبحسب تصريحات لمصدر في وزارة الكهرباء نقلتها صحيفة الوطن المقربة من النظام؛ فإن الصناعة تستهلك -بشكل تقريبي- نحو 20% من إجمالي الكهرباء المتاحة حاليا، منوها أن هذا المشروع يأتي بالتناغم مع التوجه نحو التوسع في الاعتماد على الطاقات المتجددة وإتاحة المتوفر من الكهرباء للاستهلاك المنزلي.
وبين المصدر أن إجمالي الطاقات المتجددة المنتجة حاليا لا يتجاوز 100 ميغاوات، منها 20 ميغاوات يتم توريدها للشبكة، في حين يتم استهلاك الـ80 ميغاوات الباقية لتغذية مشاريع مختلفة، كاشفا أن خطة وزارة الكهرباء لإنتاج الطاقات البديلة حتى العام 2030 تشتمل على إنتاج 2500 ميغاوات.
لكن الخبير الاقتصادي السوري يونس الكريم، يرى أن اعتماد الطاقة البديلة الشمسية في سوريا لا جدوى منه، فمعظم الطاقة التي سوف تقدمها هي ما بين 100 إلى 150 ميغاوات في حين أن النقص هو 5 آلاف ميغاوات، إضافة إلى عدم توفر المواد الأولية لتأمين الطاقة الشمسية.
وقال الكريم -في حديث للجزيرة نت- إن “ألواح الطاقة الشمسية تحتاج إلى مساحات كبيرة غير متوفرة في نمط بناء العقار السوري، إضافة إلى البنية الهندسية للمعامل وهي عبارة عن هنغارات معدنية لا تتحمل أوزان ألواح الطاقة على سطحها”.
ورأي الكريم أن هدف النظام من عملية إلزام الصناعيين باستخدام الطاقة البديلة؛ هو الظهور على أنه عمل كل جهده لحل مشكلة الكهرباء، وأن استهلاك الصناعيين هو من يؤثر على الكهرباء المنزلية للمواطنين ولا يستطيع تأمين الكهرباء لكلا الطرفين.