يرى مقال في فورين بوليسي (Foreign Policy) أن الحرب السورية أظهرت مرة أخرى عدم جدوى مجلس الأمن الدولي، معتبرا أنه المسؤول عن قتل أي فرصة لتنفيذ مبدأ “مسؤولية الحماية”.
واعتبر مقال كاتبة العمود مينا العريبي أن أعضاء مجلس الأمن يسيئون بشكل روتيني استخدام حق النقض لحماية عملائهم. فالولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا تدعم المعارضة السورية، وروسيا تدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، أما الصين فترفض فكرة التدخل لإسقاط حكمه.
وأوضحت الكاتبة أنه لا أحد يستطيع أن يدعي عدم علمه بالحجم الهائل لانتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت وما زالت تحدث في سوريا، مضيفة أن هذه الحرب كانت واحدة من أكثر الحروب توثيقا، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى المواطنين الصحفيين الشجعان الذين خاطروا بحياتهم على الأرض هناك.
إدانات فارغة
وأضافت أن الهجمات الصارخة التي تستهدف المستشفيات والمراكز الطبية، وقصف مدن بأكملها، واغتيال الصحفيين، واستخدام أساليب الحصار والاستسلام، هي من أفظع انتهاكات حقوق الإنسان. وردا على ذلك، أصدرت الأمم المتحدة بيانات إدانة فارغة، وعقدت اجتماعات ساخنة لمجلس الأمن، وطالبت بضبط النفس بشكل غير فعال.
ومضت تقول إن المؤكد أن الخسائر هائلة ولا تقتصر على سوريا وشعبها. ومن بين ضحايا هذه الخسائر، التي لها آثار بعيدة المدى على صراعات دموية أخرى حول العالم، عدد من المعايير الدولية التي كان من المفترض أن تحد من معاناة السكان المدنيين، وأن القاعدة الأساسية التي تحطمت في سوريا هي مبدأ “مسؤولية الحماية”.
وأشارت إلى أن مبدأ “المسؤولية عن الحماية” ينص على أن المجتمع الدولي ليس له حق فحسب، بل عليه التزام بالتدخل في النزاعات التي تُرتكب فيها الفظائع ضد السكان المدنيين.
موت المبدأ في الصراع السوري
وها هي المسؤولية عن الحماية، تقول العريبي، التي دافعت عنها الدول الغربية لأول مرة في تسعينيات القرن الماضي وقبلتها لاحقا الأمم المتحدة، تموت في الصراع السوري، ويمثل موتها لحظة فشل النظام الدولي التي كانت تظهر في نهاية الحرب الباردة. وبينما يبدو أن العالم يدخل حقبة جديدة من المنافسة الجيوستراتيجية واستقطاب القوى العظمى، ليس هناك ما يضمن ظهور نظام إنساني مقبول جماعيا.
ولاحظت العريبي أن مبدأ مسؤولية الحماية، في جوهره، من المفترض أن يضمن الحماية، كحق أساسي، لجميع المدنيين من أسوأ أشكال الفساد في العالم، لكن ومنذ البداية كان لهذا المبدأ العديد من العيوب الأساسية التي من شأنها أن تجعل تنفيذه صعبا وتؤدي في النهاية إلى زواله في ساحات القتل في سوريا.
واختتمت بأن هذه العيوب تشمل عدم وضوح مبدأ الحماية حول ما الذي يشكل جرائم إنسانية خطيرة تلزم المجتمع الدولي بتجاهل سيادة دولة عضو في الأمم المتحدة ليتدخل سواء بوسائل سلمية أو عسكرية، والجهة التي يجب أن تتدخل، وكيف؟ وماذا لو كانت الدولة المخالفة عميلة لقوة عظمى ويمكنها منع أي قرار باستدعاء مسؤولية الحماية في مجلس الأمن؟