انهيار جديد لليرة السورية… والتضخم يتجاوز 2100%

هوت العملة السورية الليرة نحو قاع جديد أمام الدولار واليورو، أمس الإثنين، مسجلة أدنى مستوى لها على الإطلاق، ما يفاقم الصعوبات المعيشية لملايين الأسر، التي تواجه بالأساس تضخماً للأسعار تجاوز 2100% خلال السنوات العشر الأخيرة.

وتراجع سعر صرف الليرة في السوق الحرة إلى 3750 ليرة للدولار الواحد، كما انخفض إلى 4530 ليرة مقابل اليورو، فيما وصفت مصادر في سوق الصرف التعاملات بـ”الفوضى”.

وأشارت المصادر إلى سيطرة حالة من الخوف من توجه العملة نحو مزيد من الانهيار في ظل القلق السائد من احتمال صدور قانون عقوبات أوروبية شبيه بقانون “قيصر” الأميركي.

ولفتت إلى أن المخاوف في الأسواق تدفع حتى أصحاب المدخرات الصغيرة إلى تبديل الليرة بالعملات الأجنبية أو شراء الذهب، بينما اتخذ التجار ارتفاع سعر الدولار مبرراً لرفع أسعار السلع، فيما تغيب الرقابة الحكومية عن لجم الأسعار كما لم يتدخل المصرف المركزي لضبط سعر الصرف.

وكان الذهب قد سجل، بحسب رصد “العربي الجديد” أعلى سعر بتاريخ البلاد، ليقفز سعر الغرام عيار 21 قيراطا إلى نحو 180 ألف ليرة، وعيار 18 قيراطا نحو 155 ألف ليرة للغرام، بينما وصل سعر الأونصة (الأوقية) في دمشق لأول مرة إلى 6.5 ملايين ليرة.

وقال رئيس مجموعة عمل اقتصاد سورية، أسامة القاضي إن “هناك عدة مستجدات زادت من تراجع سعر الليرة، منها سياسي يتعلق بإعادة فتح الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن الملف السوري، وبدء العمل أوروبياً على معاقبة نظام بشار الأسد، وتوقف بعض الدول عن دعم النظام”.

وأضاف القاضي لـ”العربي الجديد” أن الأسباب الاقتصادية تتمثل في استمرار أزمة المصارف اللبنانية وتعطيل تحريك الإيداعات السورية من تلك المصارف، لتمويل العمليات التجارية، فضلا عن توجه رجال الأعمال إلى السوق السوداء لشراء الدولار لتمويل مستورداتهم، كما أن فترة الشتاء وشراء المشتقات النفطية والقمح بالدولار، ساهمت في تعظيم تهاوي سعر الصرف.

وتابع أن طرح عملة سورية جديدة من فئة 5 آلاف ليرة قبل شهرين، أدى كذلك إلى خلل في العرض والطلب بالسوق، وبدأت الآن تظهر آثار التمويل بالعجز على الأسعار، مشيرا إلى أن هناك مخاوف من تفاقم الوضع إن استمر نظام الأسد بطباعة أوراق نقدية كبيرة لتمويل عجز الموازنة ودفع أجور الموظفين.

وكانت وسائل إعلامية سورية قد ذكرت أخيراً، أن نظام الأسد يحضر لطرح ورقة نقدية من فئة 10 آلاف ليرة، من دون تغطية عملات ومعادن، أو حتى إنتاج وخدمات، ما سيزيد من تدهور سعر الليرة، إلا أن المصرف المركزي نفى ذلك، مشيرا في بيان له إلى أن ما يشاع حول الأمر يهدف إلى “زعزعة الثقة بالعملة الوطنية ويصب في مصلحة المضاربين”.

وذكر المصرف أن “إصدار الفئات النقدية مبني على دراسة واقع الاقتصاد الوطني ومتطلباته من الجانب النقدي وبما ينسجم مع نمو الإنتاج المحلي”. لكن القاضي قال في تعليق على بيان المركزي: “هل تمت دراسة الواقع ومتطلبات الجانب النقدي قبل طرح فئة 5 آلاف ليرة؟”.

وأضاف القاضي أن المصرف ومجلس النقد والتسليف في دمشق” لا يواجهان أزمة الليرة سوى بالإنكار والوعيد وتحميل المضاربين الوزر والأسباب”.

وانعكس تراجع سعر الليرة على زيادة الأسعار بالأسواق، لتسجل أعلى معدل لها منذ عشر سنوات. ووفق بيانات حديثة صادرة عن المكتب المركزي للإحصاء في دمشق، وصل الرقم القياسي لأسعار المستهلك حتى أغسطس/ آب 2020، إلى 2107.8%، مقارنة بعام 2010 سنة الأساس المعتمدة بسلة المستهلك.

العربي الجديد