أظهرت الطريقة التي تم بها إعداد ما سمي بالمؤتمر الدولي للاجئين، الذي نظمه النظام السوري برعاية روسية، العديد من التناقضات التي تثبت أن اللاجئين هم أبعد ما يكونون عن أهداف هذا المؤتمر. وبدا واضحاً أن للمؤتمر أهدافاً أخرى، تتعلق برغبة روسيا في الاستمرار بتعويم نظام بشار الأسد، واستخدامه كوسيلة لإظهار النظام بمظهر المتماسك والمستقر، ومحاولة إقناع الدول المانحة المساهمة بإعادة الإعمار في سورية، وصولاً إلى هدف تمرير انتخاب الأسد لفترة رئاسية جديدة، بعيداً عن قرارات الأمم المتحدة ومسار جنيف لحل القضية السورية.
وعلى الرغم من التسويق الروسي الكبير للمؤتمر، ومحاولة حشد أكبر قدر ممكن من التأييد الدولي له، إلا أن مشاركة النظام جاءت على مستوى منخفض جداً. وقد افتتح المؤتمر أيمن سوسان الرجل الثالث في وزارة خارجية النظام، فيما لم يحضر رئيس النظام المؤتمر الذي عقد على بعد بضعة كيلومترات من قصره. كما بدا واضحاً سوء التنسيق في المواقف بين روسيا والنظام. ففي الوقت الذي قال فيه قائد المركز الوطني لإدارة الدفاع بوزارة الدفاع الروسية ميخائيل ميزينتسيف إنه لا بد من ضمان تفكيك جميع مخيمات النازحين داخلياً، وإعادة أهاليها إلى المناطق التي اختاروا السكن فيها، أكد محافظ ريف دمشق التابع للنظام علاء إبراهيم أن استقبال اللاجئين سيتم ضمن مخيمات، ولن يسمح لهم بالعودة لمناطقهم إلى حين إتمام عملية إعادة الإعمار، ما يشير بوضوح إلى أن موضوع اللاجئين مجرد وسيلة لفتح ملف إعادة الإعمار.
كما أن دعوة النظام اللاجئين للعودة إلى خيام في مناطق على أطراف المدن تؤكد أنه لا يريد إعادة أي لاجئ، ويريد توجيه رسالة لمن يفكر بالعودة أنه لن يعود إلى منطقته وإنما إلى السكن في خيمة. طبعاً هذا عدا عن العراقيل الكبيرة التي يضعها النظام أمام النازحين داخلياً للعودة إلى مناطقهم، وعن الملاحقات الأمنية التي قد يتعرض لها من يفكر بالعودة إلى مناطق النظام. ولكن رغم كل الجهود التي بذلها الروس لإعطاء المؤتمر زخماً دولياً، فإن عدم توافر الإمكانات والإرادة لدى النظام وروسيا لإعادة أي لاجئ ساهم في إفشال المؤتمر، وأظهره كمهرجان خطابي غير قابل للتطبيق. إلا أن تحقيق الأهداف غير المعلنة للمؤتمر يبقى مرتبطاً بمدى تجاوب المجتمع الدولي مع المساعي الروسية.
المصدر : العربي الجديد