29 يونيو 2020
لأنه لا يمكن تجاهل صوت ومطالب السوريين اللاجئين وكذلك النازحين في أي حل سياسي مقبل، وفي ظل أهمية تحقيق شروط العودة الآمنة والطوعية والكريمة، أطلقت الرابطة السورية لكرامة المواطن حملة “نحن سورية” من أجل مصلحة الشعب السوري.
بلغ عدد المهجّرين السوريين داخلياً وخارجياً نهاية عام 2019 نحو 13.2 مليون شخص، من المجموع الإجمالي للمهجرين قسرياً حول العالم والبالغ عددهم 79.5 مليون شخص، بحسب تقرير أصدرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. في هذا الإطار، أطلقت الرابطة السورية لكرامة المواطن حملة “نحن سورية” في العشرين من يونيو/ حزيران الجاري، تأكيداً على حق السوريين في العودة. يقول عضو الرابطة محمد السليمان لـ “العربي الجديد”: “ركزت الحملة على فكرة محورية وهي أنه في ظل كل المتغيرات السياسية في القضية السورية، يجب على صناع القرار والسياسات أن يدركوا أن 13 مليوناً من اللاجئين والمهجرين السوريين هم أكثر من نصف سكان سورية، ولا يمكن تجاهل صوتهم ومطالبهم في أي حل سياسي مقبل، وأن قضية اللاجئين والمهجرين يجب أن تكون حجر الزاوية في أي حل سياسي”. يضيف: “على اللاجئين والمهجرين إدراك أنّ في إمكانهم حمل صوت قضيتهم بقوة في حال تكاتفوا ونسقوا جهودهم واستعملوا القنوات الصحيحة وآليات التأثير الفعالة. مصير سورية لا يجب أن يتحدد من دوننا لأننا نحن سورية”.
ويؤكد السليمان أن الحملة تهدف بشكل أساسي إلى التأثير بالرأي العام السوري والخارجي، وإيصال رسائل محددة إلى صناع القرار في الدول المؤثرة في سورية، ولا تهدف إلى إطلاق أي نشاط إنساني إذ أن أطرافاً ناجحة تتولى الأمر. ويقول: “دائماً ما نضغط على الأطراف المؤثرة في سورية لزيادة مستوى الدعم للاجئين والمهجرين، وتحسين ظروف معيشتهم ووضعهم القانوني في دول اللجوء”، مشيراً إلى أن الرابطة ستكثف عملها في الداخل السوري من خلال شبكة علاقاتها وتواصلها مع الجاليات المهجرة لرفع مستوى الوعي بين المهجرين وكذلك في الخارج، لأن قوة التيار الشعبي مرتبطة بحجمه وزخمه ووعي أعضائه لحقوقهم وإيمانهم بقدرتهم على التأثير وتحقيق أهدافهم. ويلفت السليمان إلى أن الأرقام قد تكون أكبر من ذلك لأن أعداداً كبيرة من اللاجئين والنازحين داخلياً لا يقومون بتسجيل أنفسهم. يضيف: “كان لتقارير الرابطة دوراً أساسياً في تفكيك ونقض خطاب الروس والنظام الروسي وحتى بعض المنظمات الدولية تجاه حقيقة العودة إلى مناطق النظام، ولا سيما حول الأسباب أو المحصلة النهائية لحركة العودة والنزوح مجدداً”.
ويكمل السليمان أنّ “الرسائل الرئيسية للحملة ترتكز على حقيقة أنه من دون الحفاظ على حقوق المهجرين السوريين، لن يكون هناك حل سياسي مستدام لإنهاء النزاع، ولا يمكن إجراء انتخابات ذات مصداقية أو اعتماد دستور جديد، إضافة إلى إعادة إعمار وبناء البلاد”. ويشدد على أنه “من دون الحفاظ على حقوق المهجرين السوريين بعودة آمنة وطوعية وكريمة حقيقية لهم، وفي ظل ضمانات دولية قوية، سيستمر ارتباط التهجير بمصير السوريين عبر موجات متلاحقة من اللاجئين”، وستستمر حالة عدم الاستقرار التي تعيشها المنطقة والإقليم”.
في هذا الإطار، يقول المهجر من الغوطة الشرقية علي أبو عبدالله، تعليقاً على موضوع العودة الآمنة، إنها مرتبطة برحيل النظام. ويوضح لـ “العربي الجديد”: “لا يمكنني العودة إلى منطقتي إلا في حال رحيل النظام السوري. الدمار والتخريب مرتبط ارتباطاً وثيقاً بهذا النظام، وأي حلول أخرى للعودة تحت سلطة النظام هي حلول مرفوضة. بالنسبة إلي، تعني التصالح مع القاتل والعفو عنه، وهذا الأمر يعني التضحية بكل شيء والاستسلام، ما يعيدنا إلى نقطة الصفر ويعد استهانة بالدماء التي بذلت في سبيل إسقاط هذا النظام”.
أما الناشط الإعلامي المهجر من ريف حمص الشمالي خضر العبيد، فيقول لـ “العربي الجديد”: “لا توجد ضمانات حقيقية لعودة أي مهجر ونازح سوري إلى منطقته”، لافتاً إلى أن أسباب التهجير والنزوح ما زالت قائمة. كما أن السوريين مهددون دائماً بتهجير ونزوح جديد خصوصاً في منطقة إدلب شمال غرب سورية حيث أقيم، وهذا كان واضحاً خلال الحملة العسكرية الأخيرة، التي انتهت بتوقيع اتفاق الهدنة في الخامس من مارس/ آذار الماضي”. يتابع العبيد: “كمهجّر، فقدت الشعور بالاستقرار والأمن، وأعيش مع عائلتي توتراً في ظل غياب الوضوح. هل أعيش الاستقرار في المنطقة التي أقيم فيها حالياً، أم سأضطر إلى مغادرتها في وقت لاحق إلى منطقة أخرى بحثاً عن الأمان، وهرباً من قصف الطائرات الروسية أو صواريخ النظام وقذائف مدفعيته؟”.
تجدر الإشارة إلى أنّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تفيد بأن الشعب السوري ما زال يعاني من مأساة هائلة، لافتة إلى أن واحداً من بين اثنين من الرجال والنساء والأطفال السوريين اضطر للنزوح قسراً منذ بداية النزاع في مارس/ آذار عام 2011، ولأكثر من مرة واحدة في معظم الأحيان. ويشكّل السوريون اليوم أكبر جمع من اللاجئين حول العالم.