تعود قضية محاكمة الضابط أنور رسلان المنشق عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد منذ نحو 8 سنوات، إلى الواجهة مجدداَ بعد تحديد موعد أولى جلسات محاكمته العلنية في ألمانيا حيث يقيم كلاجئ منذ حوالي 6 سنوات، في محاكمة هي الأولى من نوعها لمسؤولٍ سوري.
وأكد المحامي السوري أنور البني، المعروف بدفاعه عن حقوق الإنسان إن “يوم الخميس المقبل ستبدأ جلسات محاكمة الضابط المنشق بشكلٍ علني لأول مرة” منذ أن ألقت السلطات الألمانية القبض عليه في شباط/فبراير 2018.
ويُتهم رسلان الّذي كان ضابطاً بارزاً في الاستخبارات السورية في فرعٍ يُعرف بـ “251” أو “فرع أمن الخطيب” في دمشق، بتعذيب نحو 4 آلاف شخص قُتِل منهم 58 في الفترة الممتدة من نيسان/ابريل 2011 وأيلول/سبتمبر من العام 2012. بالإضافة لاتهامه بارتكاب حالتي عنف جنسي واغتصاب، بحسب لائحة الاتهامات الموجّهة إليه.
كما أنه متهم باعتقال البني في أيار/مايو 2006 من أمام منزله في دمشق وسجنه لمدة خمس سنوات حتى إطلاق سراحه في 2011 عند بدء الحركة الاحتجاجية في سوريا.
وكان المحامي السوري المعروف التقى برسلان في منفاه في برلين حيث صودف أن يقيما في مبنى طالبي اللجوء نفسه في المدينة التي وصلا إليها بفارق شهرين، لكنه لم يتعرف إليه في البداية.
ثم بعد بضعة أشهر، صادفه مرة أخرى في أحد المتاجر الكبرى، فتمكن هذه المرة من التعرف عليه، بحسب ما أفادت سابقا وكالة فرانس برس.
وفي عام 2016، عندما باشر العمل مع محامين لجمع الأدلة، علم أن المحققين الألمان يتابعون عن كثب قضية أنور رسلان، الذي اعتقل أخيراً في برلين في شباط/فبراير 2019.
ويتوقع البني أن يواجه رسلان عقوبة السجن مدى الحياة نتيجة ممارساته حين كان على رأس عمله قبل أن ينشق عن النظام السوري بعد مرور أكثر من عام على الاحتجاجات التي اندلعت في البلاد منتصف آذار/مارس 2011.
وأضاف أن “مثل هذا النوع من الجرائم عادةً يُعاقب عليها بالسجن المؤبد أو لمدة لا تقل عن 20 عاماً”.
كما كشف أن “إياد غريب هو أيضاً متهم بالمشاركة في تعريض أشخاصٍ للتعذيب وعددهم حوالي 30 شخصاً”. وتابع أن “الخميس المقبل ستبدأ أولى جلسات محاكمتهما وستكون المواجهة علنية بين المتهمين والضحايا ومن المتوقع أن يستمر ذلك لفترة تتراوح بين سنة وسنتين لوجود عدد كبير من الشهود والضحايا”.
وبحسب البني فإن المركز القانوني الّذي يديره ساهم بإحضار 12 ضحية وشاهد في حين أن آخرين انضموا للدعوى بعد ذلك وبلغ عددهم 40 شخصاً بين “ضحية وشاهد ومتضرر” من ممارسات الضابط المنشق.
واعتبر أن “قضية رسلان هي باكورة قضايا أخرى ضد مجرمين ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ورغم أن رسلان أول شخص يلقى القبض عليه ومحاكمته، لكنه لن يكون الأخير، نحن نقوم بتحضير ملفاتٍ أخرى لمتهمين”، لافتاً إلى أن ” ما سيدلي به رسلان يمكن أن يكون مفيداً لدعاوى أخرى سبق أن تقدمنا بها أمام مدعين أوروبيين في ألمانيا والسويد وفرنسا”.
إلى ذلك، وصف الضحايا الّذين قدّموا شهاداتهم للسلطات المختصة في أوروبا بـ “الأبطال الحقيقيين”. وقال في هذا الصدد إن “معظمهم كانوا من الضحايا الّذين سبق لي وأن دافعت عنهم في سوريا. هم كانوا يعرفونني والثقة مفيدة في العمل، لقد قدّموا شهاداتهم بقوّة”.
وفي حين يسعى أشخاص كانوا معتقلين، لتحسين صورة رسلان بذريعة انشقاقه عن النظام، شدد البني على أنه “لا يمكن منح عفو لشخصٍ ما عن جرائمه بعد تغيير موقفه، تغيير الموقف السياسي لا يجبّ ما قبله حتماً، المجرم هو مجرم قبل تغيير موقفه وبعد ذلك، نحن لا نتحدث عن جرائم عاديّة، إنها جرائم ضد الإنسانية وتمسّ أعداداً هائلة من السوريين”.
وتابع “ربّما تعامل رسلان مع البعض بشكلٍ جيد نتيجة أوامر تلقاها وليس كرم أخلاق منه، وهو كان يتعامل بشكلٍ وحشي مع أغلب المعتقلين، لقد عذّبهم بيديه وهناك شهود وضحايا وهو كذلك أمر بالتعذيب بوحشية وراقب ذلك. وبالتالي لا يمكن لأحد أن يعفو عن مثل هذه الجرائم، والمسألة هي بالجريمة وإن كان موقف سياسي سيعفي مرتكبها من العقوبة، فهذا يبرر حتى لبشار الأسد”.
وعن الاهتمام الكبير بمحاكمة رسلان مقابل تهميش محاكمة رفيقه غريب، أشار البني إلى أن “الفرق بينهما كبير، فغريب تقدّم بشهادته بنفسه وقدّم أدلة ضد نفسه منذ قدومه إلى المانيا وليس هناك ضحايا تعرّفوا إليه”.
كما لفت إلى أنه “تقّدم بشهادته كشاهد طوعاً على جرائم مُرست أمام عينه بما فيها التي ارتكبها رسلان، فهو لم يكن يمارس التعذيب وكانت مهمته اعتقال وملاحقة المتظاهرين وبالتالي هو أيضاً متهم باعتباره ساهم بتسهيل والمشاركة بتعريض المعتقلين للتعذيب في فرع 251 خاصة وأنه كان يعلم أن من يعتقل سيتعرض للتعذيب”.
ورسلان هو ضابط كبير في فرع الخطيب ومحاكمته هي الأولى من نوعها لمسؤولٍ سوري خارج البلاد وداخلها أيضاً.
وصادفه ضحايا في مراكز اللجوء والتسوق في ألمانيا بعد إقامته في ملجأ للاجئين قبل سنوات.
وكان قد انشق عن النظام في العام 2012، لينضم بعد ذلك إلى الوفد العسكري المعارض الذي شارك في جنيف في فبراير 2014 بمفاوضاتٍ مع وفد الأسد التفاوضي.
وقد شارك في تلك المفاوضات بصفته مستشارً عسكرياً. وعقب انتهاء مؤتمر جنيف، تقدّم بطلب لجوئه في ألمانيا.
شبكة شام الإخبارية