باع سمير (41 عاماً) وهو من سكان العاصمة دمشق سيارته الخاصة ومنزله الكائن في منطقة مخالفات عشوائية كي يستطيع البدء بحياة جديدة توفر له ولأبنائه الكرامة والعيش الكريم، ذلك بعد ما فقد قدرته على تأمين أدنى مستلزمات العيش في بلد مزقته الحرب على مدار أكثر من عشر سنوات.
وقال لموقع تلفزيون سوريا “منذ أكثر من شهر سمعت عن وجود مكاتب سياحية في دمشق تؤمن تأشيرات سياحية وتذاكر طيران للسفر إلى بيلاروسيا ومنها التوجه إلى أوروبا”.
ومنذ أشهر يسعى آلاف المهاجرين من سوريا ودول الشرق الأوسط إلى العبور من بيلاروسيا إلى بولندا لكن توتر الأوضاع على الحدود تفاقم الأسبوع الماضي بعدما صد حرس الحدود في بولندا عدة محاولات للقيام بذلك.
4500 دولار كلفة الهجرة من دمشق
توجه سمير إلى أحد مكاتب السفر بدمشق وقابل موظفاً هناك، فأخبره بأن كلفة السفر للشخص الواحد 4500 دولار أميركي، وهو ما جعل سمير يبيع كل ما يملك (بيته وسيارته) من أجل الوصول إلى بيلاروسيا ومنها إلى أوروبا عبر شبكات تهريب في مينسك تنقل المهاجرين إلى حدود بولندا، بحسب قوله.
لكن سمير لم يحالفه الحظ، إذ ما زال عالقاً على الحدود واصفاً الوضع هناك بالسيئ، ويقول مشيت أنا وخمسة أشخاص كانوا معي ما يقارب الـ 5 كم من المكان الذي أنزلنا به مهرب في بيلاروسيا وصولاً إلى حدود بولندا لنتفاجأ بآلاف الناس المتجمعين على الحدود من نساء وأطفال وكبار في السن”. ويضيف “أنَّ هناك بعض المهاجرين صنعوا بيوتاً من خشب بين الأشجار وبعضهم الآخر يسكن في خيم وسط طقس بارد جداً.
ويوم الإثنين الماضي توفَّي شاب سوري نتيجة البرد وعُثر على جثته طافية في نهر قرب بلدة بوهونيكي البولندية، بحسب ما نشرت صحيفة “نيويورك تايمز”.
ويوجد حالياً آلاف المهاجرين من الشرق الأوسط عالقين وسط الأحراش في طقس قارس البرودة على حدود بيلاروسيا مع بولندا وليتوانيا، العضوين في الاتحاد الأوروبي، واللتين ترفضان دخول المهاجرين إلى أراضيهما.
شبكات تهريب تحت مُسمَّى مكاتب سياحية
تنشط في دمشق عدة مكاتب سفر مهمتها تهريب البشر عبر رحلات سياحية من دمشق إلى بيلاروسيا من خلال توفير بكج كامل كما تدعي يتضمن تذكرة السفر والتأشيرات والإقامة في مينسك لمدة ثلاثة أيام. وبحسب أحد العاملين في تلك المكاتب فإنَّ زيادة الطلب على السفر إلى بيلاروسيا زاد الكلفة للشخص الواحد من 2500 دولار أميركي إلى نحو الــ 4500 و5000 دولار في الآونة الأخيرة.
ويقول صاحب إحدى شركات السفر (رفض ذكر اسمه) لموقع تلفزيون سوريا “نحن شركة مرخصة بموجب القوانين والأنظمة ونعمل في مجال الرحلات السياحية إلى مختلف دول العالم، ومنذ أشهر نشطت حركة السفر إلى بيلاروسيا للكثير من السوريين الراغبين بالهجرة من البلاد”.
وتحتكر شركة “أجنحة الشام” كل الرحلات من دمشق إلى مختلف دول العالم -كونها الوحيدة العاملة اليوم- إلا أنه توجد الكثير من مكاتب السفر التي تتعامل معها وتؤمن لها حجز تذاكر وتأشيرات سياحية، بحسب بعض أصحاب مكاتب السفر في دمشق التقاهم تلفزيون سوريا.
وتروج الشركة عبر صفحتها على موقع فيس بوك أنها توفر ترتيبات السفر المنظمة مع خدمات متكاملة ودعم متكامل مع أكثر من 300 موظف منتشرين في الخدمة، لكنها علَّقت رحلاتها إلى مطار منيسك، على خلفية أزمة المهاجرين على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا.
تعليق منح التأشيرات يعرقل استرجاع ثمنها
وكانت سفارة بيلاروسيا في دمشق علقت في الفترة بين الثامن من شهر تشرين الثاني والسادس عشر منه استلام تأشيرات الدخول إلى أراضيها ما دفع بالعديد من طالبي تلك التأشيرات لمراجعة المكاتب السياحية وطلب استرجاع المبالغ المدفوعة خصوصاً بعد حظر سفر سكان عدة دول منها سوريا إلى بيلاروسيا حتى إشعار آخر.
وهذا ما أوقع تلك الشركات في مشكلة عدم قدرتها على تأمين تأشيرات الدخول للعديد من الشباب الذين دفعوا المال لقاء حصولهم على تلك التأشيرة، وفي عدم إرجاع البعض منها للمبالغ كاملةً لمن كان مُسجلا لأجل الحصول على تأشيرة.
وقال مصطفى وهو شاب مقيم في دمشق لموقع تلفزيون سوريا “قدمت منذ نحو الشهرين على سمة الدخول (التأشيرة) إلى بيلاروسيا ولم أحصل عليها حتى اليوم، وبعد ما حصل ويحصل اليوم راجعت مكتب الشركة السياحية لاسترداد أموالي فرفض ذلك بحجة أنه لا يستطيع ترجيع أي مبلغ لأي شخص قبل الرابع والعشرين من الشهر الجاري”.
وذكر أن موظفي شركة السياحة قالوا له بأنَّ هناك خصماً من المبلغ حوالي الــ 800 دولار لقاء الحجز الفندقي والتأمين والموافقة الأمنية من بيلاروسيا.
وتنسحب مشكلة مصطفى على عدد كبير من الشباب الذي قرر الهجرة وباع كل شيء يملكه لكن الحظ لم يحالفه ناهيك عن خسارته لما يقارب الــ 1000 دولار من دون خروجه من سوريا. وفقاً لما قاله لتلفزيون سوريا بعض من كان ينوي السفر مؤخراً.
تلفزيون سوريا