“الترابة الحلبية”.. رحلة البحث عن الرزق في باطن الأرض شمال سوريا

شمال سوريا- في كل صباح ينطلق الشقيقان أحمد ومحمد حطاب في بلدة تركمان بارح بريف حلب شمالي سوريا إلى عملهم في استخراج أحجار البيلون من جوف الأرض، من أجل بيعها وتأمين رزقهم اليومي في منطقة تشهد أزمات اقتصادية وحربا دامية منذ 10 سنوات.

تعمل الدعائم الخشبية على تأمين النفق كي لا ينهار (الجزيرة)

ورث الشقيقان هذه المصلحة من أبيهما، فعملية استخراج البيلون تحتاج إلى خبرة كبيرة أثناء الحفر والبحث، إضافة إلى ما إلى الصبر والتأني والحذر.

والبيلون -أو ما يطلق عليه الترابة الحلبية- هو عبارة عن صخور ذات لون أحمر ورمادي تشتهر بها محافظة حلب، وكانت قديما تستخدم إلى جانب الصابون الغار في الاستحمام من أجل صحة الشعر وجماله، إضافة إلى فوائدها في تنظيف البشرة.

البيلون يحتاج إلى تجفيف تحت الشمس لإزالة الرطوبة منه (الجزيرة)

مراحل العمل

يتم اختيار مكان حفر الأرض قرب آبار المياه، حيث يستخدم أحمد وشقيقه معدات بدائية يدوية كالمعول والفأس والمجرفة، لحفر نفق يترواح عمقه ما بين 6 و8 أمتار، ويعتمدان في إنارة النفق على بطارية جافة مصدرا للطاقة الكهربائية.

يواجه الشقيقان مخاطر في هذا العمل، إذ من الممكن أن ينهار النفق في أية لحظة وهما داخله، لذا يقومان بتأمينه وتدعيمه بركائز بعد حفر 3 أمتار منه.

تستمر عملية حفر وتأمين النفق منذ الصباح وحتى العصر، وهنا تنتهي المرحلة الأولى من العمل ويغادر الشقيقان المكان.

في اليوم الثاني، تبدأ عملية استخراج البيلون من داخل النفق باستخدام أداة معدنية يطلق عليها اسم المنجنيق، وهي عبارة عن شكل حديدي أسطواني له مقبضان وعليه حبل يتم تدويره بشكل يدوي، ويرتفع الحبل مع السلة المطاطية المملوءة بالبيلون.

بعد استخراج أحجار البيلون تبدأ المرحلة الثالثة والأخيرة من العمل، وهنا يتم تجفيف البيلون برصفها تحت الشمس من أجل التخلص من الرطوبة التي تحملها تلك الصخور، وتستمر عملية التجفيف يوما كاملا.

البيلون يستخدم في تصفية الزيوت وبعض الوصفات العلاجية لأمراض الجلد والبشرة (الجزيرة)

بيع البيلون

ما بعد العمل والجهد 3 أيام، يقوم الأخوان حطاب بآخر مراحل العمل القائمة على تعبئة البيلون في أكياس، بعد وزنها وتحميلها بشاحنة، بهدف بيعها إلى مصافي الزيت. ويستخرج الشقيقان بشكل يومي ما يقارب 500 كيلوغرام من البيلون.

يقول أحمد حطاب إنه وشقيقه يقومان بتعبئة البيلون بأكياس وتحميله بسيارة وإرساله إلى مدينة منبج بريف حلب الشرقي من أجل استخدامه في تصفية الزيوت، ويباع الكيلوغرام من البيلون بليرة تركية واحدة (الدولار يساوي حوالي 8.5 ليرات تركية).

أحمد حطاب وشقيقه يستخرجان البيلون من باطن الأرض بعد حفر نفق عميق (الجزيرة)

استخدامات تجميلية وطبية

مع مرور الوقت، أصبح استخدام البيلون من الماضي وقلَّ الطلب على شرائه من الأهالي للاستخدام الشخصي في الاستحمام والغسيل.

وبحسب أحمد، فإن ظهور المواد الصناعية التجميلية من الشامبو ومواد التجميل الكيمياوية، جعل الناس يبتعدون شيئا فشيئا عن استخدام البيلون في الاستحمام وتنظيف البشرة وشعر الرأس، وبات قليل منهم يشترونه للاستخدام في منازلهم.

ويشير أحمد في حديث للجزيرة نت إلى أن بعض الأطباء ينصحون مرضاهم باستخدامه في علاج بعض الأمراض الجلدية، حيث يأتي إليهم المرضى لشراء القليل من البيلون لاستخدامه في العلاج.

المصدر : الجزيرة