جثث مقطوعة الرأس بريف حلب: المتهمون كثر

فوجئ سكان مدينة الباب في ريف حلب الشمالي، أمس الثلاثاء، بوجود جثة مقطوعة الرأس مصلوبة عند دوار عمر بن الخطاب في وسط المدينة، بعد أيام قليلة من مشهد مشابه في مدينة أعزاز، في نفس الريف، وذلك في شكل جديد من أشكال الفلتان الأمني الذي يضرب المناطق الواقعة تحت سيطرة “الجيش الوطني السوري” التابع للمعارضة السورية. في السياق، ذكرت مصادر محلية في مدينة الباب لـ “العربي الجديد”، أن فصيلاً مجهولاً، يطلق على نفسه اسم “كتائب الثأر”، علّق على الجثة لافتة مفادها: “هذا مصير كل مجرم قام بإراقة دماء الأبرياء في المناطق المحررة، وعمل مع الخلايا الإرهابية ونفذ عدة تفجيرات في المناطق المحررة من المدنيين، والجزاء من جنس العمل”. واعتبرت المصادر ما جرى “شكلاً جديداً من أشكال الفلتان الأمني الذي يضرب منطقة درع الفرات في ريف حلب الشمالي”، مضيفة أن هذا التصرف يفتح الباب أمام تصفية الحسابات الشخصية تحت يافطة “محاربة الإرهابيين”، في ظل غياب كامل للقانون.

ما جرى في الباب وأعزاز امتداد لظاهرة التفجيرات أو تصفية حسابات

ولم يكن هذا الحدث الأول من نوعه، فقبل أيام قليلة استيقظت مدينة أعزاز على مشهد مشابه، مع عثور الأهالي على جثة بجانبها ورقة موقّعة باسم مجموعة أطلقت على نفسها اسم “سرايا المجد”، جاء فيها: “هذا مصير كل من تسوّل له نفسه العبث بأمن المناطق المحررة، وأرواح المدنيين، ونقل المعلومات إلى الإرهابيين من داعش وحزب العمال الكردستاني، وعصابات النظام المجرم”.

في السياق، اعتبر المتحدث باسم “الجيش الوطني السوري” يوسف حمود، أن ما جرى في الباب وأعزاز “امتداد لظاهرة التفجيرات، أو تصفية حسابات وجرائم”، مضيفاً في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “الجهات المختصة تقوم بالتحقيق والمتابعة بما يخص الجثتين اللتين ظهرتا في مدينتي الباب وأعزاز”.

من جانبه، اتهم زياد أبو طارق رئيس المكتب السياسي لـ “تجمع أحرار الشرقية”، أحد فصائل المعارضة في الشمال السوري “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) بتنفيذ عمليات الاغتيال والتفجير، مشيراً في حديث لـ”العربي الجديد” إلى أن “الجيش الوطني قبض على أشخاص أرسلتهم قسد لتنفيذ أعمال إرهابية في مناطق درع الفرات وغيرها”.

وسبق أن تعرضت المناطق الخاضعة لسيطرة “الجيش الوطني السوري” في الآونة الأخيرة لسلسلة عمليات تسببت بمقتل واصابة عشرات المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال. وهو ما ولّد غضباً شعبياً من الفلتان الأمني في المناطق التي لم يستطع القائمون عليها فرض سلطة القانون فيها، مع تعدد الفصائل التي تحكمها علاقات متشنجة.

رواية تفيد بأن الجيش الوطني قبض على أشخاص أرسلتهم قسد لتنفيذ اعتداءات

إلى ذلك، رأى الباحث السياسي عرابي عبد الحي عرابي في حديث مع “العربي الجديد”، أن “دخول المليشيات المحلية مع تفكك السلطة المركزية، أحدث خللاً في المجتمع السوري وفككه من داخله، سواء الواقع تحت سيطرة النظام أو المعارضة”. وأضاف “ربما يكون هذا الأمر أقل وطأة في المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات سورية الديمقراطية في شرقي الفرات، وفي محافظة إدلب شمالي غرب سورية بسبب وجود سلطة ضابطة”. وأضاف أن “الجهات الفاعلة في مناطق سيطرة المعارضة السورية في شمال سورية هي الفصائل المحلية”، مشيراً إلى “أن هناك خلافات بين هذه الفصائل“. وقال: “هناك أيضاً وضع اقتصادي سيئ للغاية وتفكك المجتمع وصل إلى حدّ الفقر وارتفاع نسبة المتعاطين للمخدرات مع انخفاض مؤشر السلامة”. وكشف أن نسبة الجريمة المنظمة في سورية بلغت 73 في المائة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مقارنة بما سبقها من سنوات. هناك انهيار أمني يدفع الجميع إلى فرض وجوده بالقوة، وهذا ما نراه في الشمال السوري الذي يعاني من تردٍ للسلطة الأمنية، وغياب السلطة الضابطة. وهو ما يضاعف المشاكل في طريق إعادة بناء سورية مستقبلاً.

وفي محاولة منها لامتصاص الغضبة الشعبية بسبب الفلتان الأمني وفوضى السلاح، أعلنت وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، يوم الأحد الماضي، عن اتخاذها سلسلة إجراءات بهدف “الحفاظ على استقرار وأمن” المناطق التي تسيطر عليها في الشمال السوري. وأوضحت الوزارة أن “الجيش الوطني السوري” يعمل على إجراءات لقمع التهريب ومن ضمنها رفع السواتر الترابية اللازمة، وحفر الخنادق في الأماكن التي تتطلب ذلك، وتشديد الحراسة والرقابة. كما تضمنت الإجراءات تسيير دوريات مشتركة من الشرطة العسكرية المعززة بعناصر من “الجيش الوطني السوري” والشرطة المدنية داخل المدن والبلدات والتجمعات السكانية، وتعزيز الحواجز ونقاط التفتيش ضمن المدن والبلدات وعلى الطرق المؤدية إليها، تحديداً مداخل ومخارج المدن.

 

العربي الجديد