كثّف رئيس هيئة التفاوض السورية، أنس العبدة، اجتماعاته، أمس الجمعة، مع مسؤولين غربيين، وفي جعبته هدفان، هما تفعيل سلال القرار (2254) كاملة، والتحذير من انهيار العملية السياسية.
وانتهت الجولة الرابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية من دون تحقيق أي خرق على مستوى التكليف المناط بها، وهو أمر حاول المبعوث الأممي الالتفاف عليه قائلًا إنه وفريقه لاحظوا “أرضية مشتركة” حيال بعض القضايا بين المشاركين.
وعلم “العربي الجديد” أن العبدة التقى، أمس الجمعة، مع عدة مسؤولين وممثلين عن منظمات دولية، في مكتب الهيئة بجنيف، من بينهم سفراء بريطانيا وهولندا وبلجيكا، وممثلين عن السفارات الكندية واليابانية والإيطالية.
وأوضحت المصادر أن العبدة “أكد خلال اجتماعاته على عدم بقاء العملية السياسية عند مسار اللجنة الدستورية، وأن القرار (2254) فيه سلال أخرى ذات أهمية بالغة، كالبيئة الآمنة، وهيئة الحكم الانتقالي، والانتخابات”.
ولفتت المصادر إلى أن العبدة طالب المسؤولين بـ”تكثيف الجهود من أجل تحريك وتفعيل بقية سلال القرار الأممي”، لافتًا الانتباه إلى أن هيئة التفاوض “على أتم الاستعداد” من أجل العمل على هذه السلال.
وبحسب المصدر، فإن غالبية المسؤولين “أكدوا على ضرورة وأهمية العمل من أجل تفعيل بقية السلال”.
علم “العربي الجديد” أن العبدة التقى، أمس الجمعة، مع عدة مسؤولين وممثلين عن منظمات دولية، في مكتب الهيئة بجنيف، من بينهم سفراء بريطانيا، هولندا، بلجيكا، وممثلين عن السفارات الكندية واليابانية والإيطالية
والأمر الآخر الذي شدد عليه العبدة خلال لقاءاته أن بقاء العملية السياسية في حالة جمود هو “أمر يهدد العملية السياسية وقدرتها على البقاء، وقد يُفقد السوريين الثقة في جدوى هذا المسار”، وتابع أن “العبدة أكد أيضًا على أنه من غير المقبول أنه منذ صدور القرار (2254) حتى اللحظة، لم يتم تطبيق أي بند به، إلا اللجنة الدستورية”، كما طالب بـ”استمرار المساعدات الإنسانية” للسوريين في إدلب وغيرها من المناطق السورية.
المصادر أضافت أن العبدة أوضح خلال اللقاءات أن المعارضة السورية ترى أن القرار (2254) “خارطة طريق نحو الوصول إلى انتقال سياسي”، فيما تراه موسكو عبارة عن “حوار سوري-سوري فحسب”، مشيرًا إلى أن “هذا الخلاف خلاف جوهري وليس خلافًا بسيطًا، ورؤية موسكو تُعطي النظام مساحة كبيرة للتلاعب بالقرار وتعطيل العملية السياسية”.
في السياق، أعلن المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون، أمس الجمعة، نهاية الجولة الرابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية، التي تخللها انسحاب من بعض أعضاء وفد النظام والمجتمع المدني المحسوبين عليه، وذلك اعتراضًا على ذكر جملة “المليشيات الإيرانية والعراقية” التي وردت في كلمة عضو اللجنة الدستورية عن وفد المعارضة، هيثم رحمة.
وقالت مصادر معارضة لـ”العربي الجديد” إن هيثم رحمة طالب، خلال كلمته في الجلسة الختامية، بانسحاب جميع العناصر الأجنبية من سورية، و”إنهاء جميع أنواع الاحتلال”، بما في ذلك “عناصر المليشيات الإيرانية العراقية”، وهو أمر أثار حفيظة وفد النظام، ليبدأ بعدها برفع الأصوات المعارضة، وتلاه انسحاب الرئيس المشترك للجنة أحمد الكزبري، وأعضاء من وفد النظام ووفد المجتمع المدني اعتراضًا على ما قالوا إنه “أمر غير مقبول”.
وأشارت المصادر إلى أن المبعوث الأممي تدخل لحل الخلاف، وأقنع وفد النظام بالدخول إلى الجلسة، فيما اشترط وفد النظام أن دخوله إلى القاعة سيكون فقط لسماع كلمة بيدرسون الأخيرة، من دون الحاجة لأن يقوم أي عضو من المعارضة أو المجتمع المدني بإلقاء كلمات.
وعلى الرغم من أن الجولة الرابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية لم تنته بما هو غير متوقع، إلا أن المبعوث الأممي حاول تخفيف حالة الفشل الحاصلة في تحقيق أي خرق، وقال في كلمة له عقب انتهاء الجولة، إن هناك “اختلافا في وجهات النظر بين المشاركين خلال المباحثات”، لكنه عقّب: “دعوني أذكركم بأننا هنا للاستماع إلى هذه الاختلافات”، واحتفى بأنه مع فريقه لاحظوا “أرضية مشتركة حيال بعض القضايا بين المشاركين”، معلنًا أن الجولة الخامسة من الاجتماعات ستكون بدايتها في 25 يناير/كانون الثاني المقبل.
وعلى الرغم من أن الجولة كان جدولها مرتبطا بتعنّت النظام، إلا أنه هو نفسه لم يلتزم بها، بل تجاوزها إلى مواضيع غير دستورية، بل هي إنسانية وسياسية. ففي اليوم الأول طرح النظام ملف عودة اللاجئين، واليوم الثاني طرح ملف رفع العقوبات المفروضة على النظام، وفي اليوم الثالث طرح ملف الإرهاب، فيما تحدث في اليوم الرابع عن الاحتلالات. هذا الالتفاف هدفه الابتعاد عن أي موضوع متصل بجوهر تفويض عمل اللجنة الدستورية، وإضاعة الوقت، فضلًا عن إيهام المجتمع الدولي بأنه يسير مع قرارات الأمم المتحدة، بما فيها القرار (2254).
العربي الجديد