أسفرت زيارة مبعوث الرئيس الروسي إلى سورية، ألكسندر لافرنتييف، أول من أمس الجمعة، إلى أنقرة، ولقاءاته بمسؤولين أتراك، عن نتائج فورية على صعيد الملف السوري، إذ جرى مساء اليوم ذاته الإعلان عن تحديد موعد الجولتين الرابعة والخامسة من أعمال اللجنة الدستورية السورية، من قبل الرئيس المشترك للجنة عن وفد المعارضة هادي البحرة. غير أنّ المباحثات التركية – الروسية الأخيرة، أوضحت أنّ ملفاً جديداً بات على طاولة التفاوض بين موسكو وأنقرة، وهو ملف إقليم ناغورنو كاراباخ، الذي سيضاف إلى حزمة الملفات المشتركة والمعقدة بين الطرفين، التي تأخذ أبعاداً سياسية وعسكرية، ومنها ملف إدلب، شمال غربي سورية، الذي لا يزال محط خلاف بين الروس والأتراك. إذ تجهد أنقرة لحل التعقيدات بأقل الأضرار على حدودها مع المحافظة من جهة، وحماية نفوذها قرب الحدود التركية – السورية ذات التماس مع المجموعات الكردية.
وذكرت وكالة “الأناضول” التركية أن العاصمة أنقرة احتضنت أول من أمس الجمعة محادثات تركية – روسية رفيعة المستوى تناولت مستجدات الملف السوري، حيث ترأس الوفد الروسي مبعوث الرئيس الروسي ألكسندر لافرنتييف، فيما ترأس وفد الجانب التركي نائب وزير الخارجية سادات أونال.
وأوضحت مصادر دبلوماسية تركية للوكالة أنّ المحادثات تناولت المستجدات المتعلقة بالعملية السياسية، ومسار أستانة، والأوضاع الميدانية بمحافظة إدلب، وعمل اللجنة الدستورية المعنية بوضع دستور جديد للبلاد. وأضافت المصادر أنّ الجانبين ناقشا كذلك ملف اللاجئين السوريين، وأوضاع النازحين داخل البلاد، فضلاً عن أنشطة حزبي “العمال الكردستاني” و”الاتحاد الديمقراطي” الكرديين. وقالت وزارة الدفاع التركية في بيان إنّ المباحثات استمرت حتى يوم أمس السبت، إذ تناولت بالإضافة إلى ملف كاراباخ الوضع في سورية، خصوصاً في إدلب.
ويبدو مما تسرب عن المباحثات أنّ يومها الأول، الجمعة، شهد نقاشات على مستوى دبلوماسي تركز حول الملف السوري، دون غيره من الملفات المشتركة بين الطرفين، وأن هذه المباحثات أفضت إلى نتائج إيجابية، لا سيما في ما يخص تحديد موعد الجولتين المقبلتين من أعمال اللجنة الدستورية. بينما لم يتضح الكثير حول المباحثات التي تطرقت للوضع في إدلب، بعد أن لجأت تركيا في الآونة الأخيرة إلى سحب بعض نقاط مراقبتها العسكرية جنوبي “منطقة خفض التصعيد الرابعة” (إدلب وما حولها)، وسط خلافات مع روسيا حول إعادة التمركز في المحافظة.
وفي ما يخصّ ملف اللجنة الدستورية، فالواضح أنّ النظام نجح في فرض وجهة نظره، بمواصلة أعمال الجولة الثالثة (الماضية) في الجولة الرابعة، في حين بدا أنه كان للمعارضة ما أرادت بتضمين جدول أعمال الجولة الخامسة المواضيع التي كانت تطالب بنقاشها في الجولات الماضية. وقال هادي البحرة الرئيس المشترك للجنة عن المعارضة، في حديث للصحافيين، إنه “تقرر انعقاد الجولة الرابعة لاجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف بتاريخ 30 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، على أن تنتهي بتاريخ 4 ديسمبر/ كانون الأول المقبل”. وأضاف أن “الجولة الخامسة ستعقد في يناير/ كانون الثاني من العام المقبل”.
وعن جدول أعمال الجولتين، أضاف البحرة: “في الجولة الرابعة ستتم متابعة النقاش بنفس جدول أعمال الجولة الثالثة الذي كان حول ولاية اللجنة والمعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية للجنة الدستورية، ومناقشة الأسس والمبادئ الوطنية. أمّا جدول أعمال الجولة الخامسة، فسيكون متسقاً مع معايير الجولة الرابعة، إذ ستناقش الهيئة المصغرة للجنة المبادئ الدستورية (المبادئ الأساسية في الدستور)؛ السياسية والثقافية والاقتصادية وسيتطلب نقاشها أكثر من دورة”.
وكان المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسن، والمشرف المباشر على سير أعمال اللجنة، اتهم خلال إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن في 27 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بعد زيارته دمشق، وفد النظام بعدم التجاوب مع حل وسطي تقدّم به شخصياً للمقاربة بين النظام والمعارضة في ما يخص جدول أعمال الجولة الرابعة، مشيراً إلى تجاوب البحرة مع مبادرته. وأشار إلى أنّ “الرئيس المشترك المسمى من قبل الحكومة السورية، أحمد الكزبري، اتخذ موقفاً مفاده بأنّ جدول أعمال الجولة الثالثة، الذي يركز على الأسس والمبادئ الوطنية يجب أن يظلّ جدول أعمال الجولة الرابعة. بينما كان موقف البحرة أن جدول أعمال الجولة الرابعة يجب أن يركز على المبادئ الدستورية، الحقوق والحريات، سيادة القانون، أو هيكل الدستور”.
وتجنب البحرة في تصريحه لـ”العربي الجديد” الحديث عمّا إذا كان جدول أعمال الجولة الخامسة قد وضع بناءً على مطلبه كرئيس مشترك عن المعارضة، واكتفى بالقول إنّ “المبعوث الخاص دوره تسيير أعمال اللجنة الدستورية، وتسهيل التوصل إلى توافقات بين الرئيسين المشاركين حول جداول الأعمال، والتأكد من حسن سير الأعمال وعدم إعاقتها، والالتزام بلوائح عملها الداخلية، وتضمين إحاطته الشهرية إلى مجلس الأمن في ما يخص سير أعمال اللجنة”.
المصدر : العربي الجديد