أخر الأخبار

“مؤتمر اللاجئين”.. عودتهم أم مكسب إعادة الإعمار وتعويم الأسد؟

تصنف العديد من المؤسسات ومراكز الأبحاث والسياسيين وغيرهم أزمة “اللجوء السوري” على أنها الأكبر والأكثر مأساوية في التاريخ الحديث على الإطلاق، حتى إن السوريين وُسموا بصفة “اللاجئين” أكثر من الفلسطينيين، الذين سبقوهم بنحو ستين عاماً.

وفي الوقت نفسه، يمكن القول إن ما يعيشه معظم السوريين في مناطق سيطرة النظام اليوم، في أزمتهم الاقتصادية والمعيشية والأمنية، أشد وطأة من مأساة اللاجئين خارج سوريا، بينما يتمنى الآن كثير من العائلات لو أنها فعلت كما فعل غيرها وأصبح لاجئاً، ويقول أحد السوريين من دمشق “أقله كان لدينا خبز وماء ودفء، دون أن ننتظر في الطابور لساعات وربما أيام للحصول على بعضه”.

أمام هذا الواقع الذي لا يخفى على أحد، انطلق صباح اليوم في “قصر المؤتمرات”، في العاصمة دمشق، المؤتمر الدولي حول “عودة اللاجئين والنازحين السوريين”، الذي تنظمه حكومة نظام الأسد بدعم ومشاركة من وزارة الدفاع الروسية.

وعلى الرغم من المعارضة العلنية والامتناع لمعظم الدول، ومنها ما توجد فيها الأعداد الكبرى من اللاجئين السوريين، أصر النظام، ومن خلفه روسيا، على عقد المؤتمر ضمن “احتفالية” حضرها مؤيدو النظام وداعموه.

تعويم نظام الأسد
تسعى روسيا إلى إعادة تعويم بشار الأسد ونظامه، وتصدير أنه انتصر على معارضيه، الذين أطلقت عليهم وصنفتهم بـ “الإرهابيين”، هذه المرة عبر مؤتمر يدعو إلى عودة السوريين الفارين من القصف والقتل والاعتقال الذي يمارسه الأسد وداعميه روسيا وإيران بحقهم.

وعن هدف روسيا من عقد هذا المؤتمر في هذا التوقيت، قالت نائب رئيس “الائتلاف الوطني” ربا حبوش لموقع “تلفزيون سوريا”، إن هذا المؤتمر “لا قيمة له بل يؤكد محاولة روسيا الدائمة الالتفاف على القرارات الدولية الخاصة بالحل السياسي في سوريا، ومطالب السوريين الذين نادوا منذ 9 سنوات برحيل الأسد ونظامه”.

وأكدت أن النظام “لا يهتم بعودة السوريين من عدمها إلى بلدهم لأنه قصف المدنيين، واعتقل الأطفال، وأهان الشيوخ خلال السنوات الماضية وما زال ينتهك الاتفاقيات الدولية، وهذا المؤتمر ليس سوى محاولة تهدف إلى تلميع صورة الأسد عبر رغبته بعودة السوريين الذي هجرهم”.

تسيس الملف
وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أعلن في كلمة ألقاها بالنيابة عنه المبعوث الخاص للرئيس الروسي ألكسندر لافرنتييف أن حل أزمة اللاجئين السوريين يتطلب مشاركة المجتمع الدولي وتوقف بعض الدول عن “تسييس هذا الملف”.

واتهم لافروف الولايات المتحدة الأميركية بـ “الازدواجية في المعايير تجاه سوريا”، وذلك لعدم مشاركتها في المؤتمر، مضيفاً أن بعض الدول تضع “عوائق لمنع عودة المهجرين إلى مناطق سيطرة نظام الأسد”.

لكن في المقابل بدا واضحاً في كلمات المؤتمر الافتتاحية التي بدأها رأس النظام بشار الأسد، مروراً بوزير الخارجية الروسي، والمبعوث الروسي إلى سوريا، ووزير الخارجية اللبناني، والسفير الصيني، التوظيف السياسي لأزمة اللاجئين ضمن المصالح الفردية والمشتركة للدول المشاركة، فضلاً عن الاتهامات للدول الأخرى.

في هذا السياق، تقول السيدة جمانة فرحات، مؤسسة مبادرة “لاجئون منسيون”، لموقع “تلفزيون سوريا”، إن هذا المؤتمر “سياسي دعت وروجت له روسيا والنظام، وهذا واضح من خلال الدول المشاركة فيه فهم حلفاء روسيا والنظام”.

وأردفت أن هذا المؤتمر يفتقد “إلى الغطاء الدولي بسبب المقاطعة الأميركية وموقف الاتحاد الأوروبي من النظام، ويحاول الأسد الاستفادة من هذا المؤتمر لإثبات وجوده على الساحة الدولية ليس أكثر، فهو لا يهتم لوضع اللاجئين والنازحين السوريين بل على العكس يحاول الاستفادة من كل نكباته في سوريا، فهي بمثابة الفرصة له”.

ملف إعادة الإعمار
بدأت روسيا للمرة الأولى الترويج لمؤتمر اللاجئين في العام 2017، عدما دعت دول الاتحاد الأوروبي إلى المشاركة في ملف إعادة الإعمار في سوريا بعد الخطة التي طرحتها لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، إلا أن هذه الدعوات واجهتها كل من الولايات المتحدة وكندا واليابان وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا بالرفض في نيسان من العام 2019، مؤكدةً أنها لن تشارك بملف إعادة الإعمار دون انتقال سياسي حقيقي للنظام في سوريا.

المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري اشترط في تشرين الثاني من العام الماضي، وجود عملية سياسية حقيقية في سوريا كي تسهم بلده في عملية إعادة الإعمار.

وأشارت الحبوش إلى أن روسيا والنظام “يحاولان إظهار سوريا كبلد مستقر ليبدؤوا في ملف إعادة الإعمار وخاصة في ظل الانهيار الاقتصادي الذي يعاني منه النظام والعقوبات الأميركية والأوربية عليه “.

وأكدت أنه لا يمكن أن يكون هناك إعادة إعمار في سوريا “قبل الاتفاق السياسي العادل والشامل الذي يضمن حقوق السوريين ومحاسبة النظام”.

وأعلن رئيس مركز التنسيق الروسي السوري لإعادة اللاجئين ميخائيل ميزينتسيف، في كلمة ألقاها في مؤتمر “عودة اللاجئين” أن روسيا “خصصت أكثر من مليار دولار لإعادة إعمار الشبكات الكهربائية والصناعات وأغراض إنسانية أخرى في سوريا”.

وتابع أن ممثلي روسيا وسوريا “سيوقعون على هامش أعمال المؤتمر 8 مذكرات تعاون بين الجانبين في مجال الطاقة والاتحاد الجمركي والأنشطة التعليمية”.

وكانت الأمم المتحدة قدرت كلفة إعادة إعمار البنية التحتية في سوريا بنحو 400 مليار دولار، وأن هذه العملية قد تستغرق أكثر من نصف قرن.

هل يعود اللاجئون؟
وعن تأثير المؤتمر على اللاجئين السوريين في دول العالم، أكدت فرحات أن “الدول التي حضرت المؤتمر مثل لبنان التي ترى أن اللاجئين عبء عليها تصر على وصفهم بالنازحين، هي ليست بحاجة إلى ذريعة للضغط على إعادة اللاجئين فهي تبذل ما بوسعها إلى إعادتهم إلى سوريا عبر ما سمته بالعودة الطوعية التي يشرف عليها الأمن العام اللبناني والأمم المتحدة”.

وأشارت أن لبنان يحاول “ممارسة التضييق على اللاجئين السوريين في لبنان عبر الممارسات العنصرية وخطاب الكراهية والذي تصاعد منذ عام إلى الآن بسبب العديد من الأزمات وخاصة الاقتصادية”.

وأكدت أن المؤتمر تخلله كثير من “الأكاذيب”، كادعاء النظام الدول لا ترغب باللاجئين وتمارس الضغوط عليهم، وأن نظام الأسد يفتح ذراعيه لاستقبالهم، وهذه ليست سوى مزاعم يروج من خلالها النظام أكاذيبه التي اعتاد أن يطلقها، وأنه يرغب بإعادة اللاجئين وأنهم لن يتعرضوا إلى مضايقات، وأننا نعلم أنه تم تسجيل العديد من الانتهاكات بحق اللاجئين الذين عادوا إلى سوريا”.

وبيّنت فرحات أنه عندما “يُطلب من أي لاجئ العودة إلى سوريا يجب أن يضمن سلامته بالدرجة الأولى، بالإضافة إلى وجوب وجود حياة له في سوريا في ظل الدمار الذي لحق بها، فهناك العديد من اللاجئين دمرت منازلهم، ما الذي سوف يحل بهم في حال عادوا إلى سوريا، والجميع يعلم أن ظروف العودة غير مهيئة، في حين أن النظام اليوم خلال المؤتمر صرح بأمور معاكسة ومغايرة للواقع”.

من جانبها، أشارت الحبوش إلى أن النظام “يحاول ترويج أنه انتصر عبر هذا المؤتمر، لكنه ساقط أمام طوابير الآلاف الذين ينتظرون رغيف الخبز وأمام محطات الوقود، بالإضافة إلى رفض السوريين المهجرين واللاجئين في دول العالم العودة إلى سوريا في ظل وجود النظام”.

وناشد وزير الخارجية اللبناني ‏شربل وهبة في كلمة ألقاها عبر الفيديو خلال مؤتمر “عودة اللاجئين” السوريين، المجتمع الدولي لمساعدة الحكومة اللبنانية في “تنفيذ خطتها التي تهدف إلى عودة النازحين السوريين إلى بلدهم، وأن الظروف أصبحت مواتية لهذه العودة”.

في حين قال وزير الشؤون الاجتماعية في لبنان رمزي مشرفية خلال كلمة ألقاها في المؤتمر، إن التجارب الدولية للحلول السياسية التي تهدف إلى عودة اللاجئين إلى بلدهم “غير مشجعة”، وأن الحكومة اللبنانية وضعت خطة لـ “عودة النازحين السوريين بطريقة آمنة وكريمة”.

ويمثل اللاجئون السوريون وفق آخر إحصائية من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في العام الماضي 8.25 بالمئة من نسبة اللاجئين في العالم، ويبلغ عدد السوريين اللاجئين والنازحين في الداخل 13 مليونا، أكثر من 5 ملايين نسمة لجؤوا إلى الدول المجاورة لسوريا، وأكثر من مليون و200 ألف سوري تقدموا بطلبات لجوء في ألمانيا حتى العام 2019.
المصدر : تلفزيون سوريا

مقالات ذات صلة

تركيا ترحّل ناشطاً سورياً انتقد في منشور تصرف الشرطة التركية

Hasan Kurdi

وزير خارجية مصر يتجه إلى قطر في أول زيارة منذ 8 سنوات

Hasan Kurdi

“بيدرسون” يتوجه السبت إلى دمشق لإحياء عمل اللجنة الدستورية السورية

Hasan Kurdi

السياسة الخارجية للنظام السوري… منتجة للحصانة والدور والمال

Hasan Kurdi

كورونا يفتك بقوات الأسد والميليشيات الإيرانية على جبهات ريف حلب

Hasan Kurdi

فايننشال تايمز: دول عربية تتحدى أمريكا وتعيد علاقاتها مع نظام الأسد

Hasan Kurdi