جلال بكور
15 يونيو 2020
أصدر نحو 300 شخصية سورية بياناً، اليوم الاثنين، أطلقوا عليه اسم “إعلان الوطنية”، يدعو إلى تبنّي “الوطنية السورية”، كونها السبيل الوحيد لبناء الدولة السورية، في ظل انقسام المجتمع السوري وتشظّيه نتيجة الواقع الراهن في البلاد.
ووقّعت على الإعلان 280 شخصية من كل مكونات المجتمع السوري الإثنية والعرقية، ومن مختلف شرائح المجتمع السوري، من سياسيين معارضين ومثقفين وأستاذة جامعيين وكتاب وصحافيين وفنانين واقتصاديين، من بينهم “المفكر جاد الكريم جباعي، والناشط السياسي مازن عدي، والباحث حازم نهار، والإعلامي توفيق حلاق، والفنان عبد الحكيم قطيفان، والفنان سميح شقير، والفنان فارس الحلو، والكاتب فايز حداد، والأستاذ الجامعي محمود الحمزة”.
وتضمّن الإعلان شرحاً لمصطلح الوطنية، وشرحا لمبادئها وأسسها والمحددات التي تنظم السياسات الداخلية والخارجية وحقوق الإنسان وغيرها.
ويأتي هذا الإعلان، وفق الموقّعين عليه، إيمانا منهم بـ”أهمية العمل على بلورة الوطنيّة السوريّة ومبادئها وأسسها، وإنضاجها تدريجيا لتكون أرضيةَ عملٍ لأوسعِ قطاعٍ ممكنٍ من السوريين، مثقفين وسياسيين وإعلاميين وناشطين ومواطنين سوريين من جميع أنحاء سورية”.
ويرى الموقعون على الإعلان أهميته في “الدفع باتجاه تحقيق أكبر قدرٍ ممكنٍ من استقلاليةِ الإرادة والقرار الوطنيّين، والحدّ من خطر احتمال تشظي القضية الوطنيّة والمسألة الديمقراطية نهائيًا، واحترامًا ووفاءً لأرواح شهدائنا وتضحياتِ شعبنا”.
وبحسب الموقعين، فإن هذا الإعلان، بما يتضمنه من رؤى ومبادئ أساسية يمكن أن تؤسِّس للوطنيّة السورية، “يشكِّل دعوة صريحة إلى السوريين جميعهم لإعلان إيمانهم به، والتزامه، والعمل من أجله، وفي ضوئه، ثقافيًا وسياسيًا وإعلاميًا ومدنيًا وحياتيًا”.
ويرى الموقعون على الإعلان أن “هذا الإعلان بقدر ما يعني الموقعين والموافقين عليه، الآن وفي المستقبل؛ فإنه يعني بالدرجة نفسها السوريين كلّهم من حيث ضرورة إشباعه نقدًا وتطويرًا ليكون، تدريجياً، أساسًا لبلورة رأي عام سوري، نحن أحوج ما نكون إليه في ظل استمرار حال التوهان والضياع والآفاق الغامضة”.
ويعرّف الإعلان “الوطنيّة السوريّة” بأنها “انتماء إلى وطن اسمه سورية، بحدوده الرسمية، بحضارته وتاريخه وحاضره؛ وعليه تشكل هذه الوطنية، مع الزمن والتفاعل المجتمعي الحر، نسيجاً روحياً وثقافياً يستوعب السوريين جميعهم”.
ويوضح أيضاً أن “الوطنية السورية هي رابطتنا الجوهرية، وجسر التواصل بين السوريين، والمدخل إلى علاقاتهم ببعضهم بعضا، وإلى ملاقاتهم الآمال والطموحات المشتركة، وهي مدخلنا إلى المشاركة في النشاط الإنساني، وميدان التفاعل الحي مع غيرنا، والمؤثر في الخارج، وسبيلنا إلى مواجهة الاستحقاقات والتحديات والأخطار التي تهدد مصيرنا، وإلى اغتنام الفرص التي تزيد من أهليّتنا وتأثيرنا الإيجابي في الإقليم والعالم”.
ويرى الإعلان أيضاً أن “الوطنية السورية ليست نقيضا أو بديلا للانتماء القومي أو الديني أو الطائفي. وتنبع جوهريتها من كونها الرابطة التي تبني الدولة، وتحقق المشترك بين المواطنين، وتوفر المظلة التي تضمن حماية التنوع الديني والمذهبي والإثني”.
ويرى الإعلان أن من أهم مبادئ الوطنية هو “الإنسان”، وهو “المبدأُ الرئيسي المؤسِّسُ للدولةِ الجديدةِ، وعليه ينبني مبدأُ المواطنة الذي يعني تساوي المواطنين في الكرامة الإنسانيّة، وأمام القانون في الحقوق والواجبات”.
ويقول الموقعون إن هذا الإعلان “لا يسعى ليكون نهايةَ المطاف أو قولا فصلا، أو ليكون صيغة مكتملة ونهائية؛ إنه صيغة متجددة، ومنفتحة على التطور، بقدر تقدّم الحوار بين السوريين، ونضج التجربة الواقعية، وتطور الأوضاع في المستويات كافة، ما يجعله موضوع حوار دائم، بهدف تعميق وإنضاج رؤاه وتوجهاته، وبما يؤدي إلى تحوله، تدريجياً، إلى مشروع تغيير وطني ديمقراطي سوري يحظى بأوسع مشاركة سورية ممكنة”.
ويؤكد الموقعون على الإعلان أن “توقيع هذا الإعلان من جانب أي فردٍ سوري، أو قوة سورية، هو مسؤولية كبيرة”، مطالباً السوريين بـ”ألا يستسهلوا توقيعه من دون أن يشعروا أنه يعبّر، بقدر ما، عن أرواحهم ورؤاهم وآمالهم ومصالحهم، خصوصا أن بعضنا استسهل الأمر ووقع، خلال السنوات الماضية، بيانات متناقضة في الآن نفسه؛ فالتوقيع مسؤولية وطنية وحقوقية كبيرة، تماماً مثل الكلمة والموقف والأداء”.
ويأتي هذا الإعلان في ظل تطورات عديدة على الساحة السورية، خاصة مع ظهور موجة جديدة من المظاهرات ضد النظام السوري، أبرزها في مدينة السويداء جنوبي سورية، فضلاً عن اقتراب موعد تطبيق قانون “قيصر لحماية المدنيين السوريين” ضد النظام السوري.
المصدر : العربي الجديد