طالبت عدد من المنظمات الحقوقية والمدنية غير الحكومية السورية في بيان مشترك، المجتمع الدولي أن يصمم على وقف فوري لإطلاق النار تلتزم به جميع الأطراف بإدلب، والضغط على الحكومتين السورية والروسية والفصائل المسلحة، لكي تسمح وتيسر دخول الوكالات الإنسانية الدولية إلى المناطق المتضررة، بما تفتضيه الالتزامات الدولية الخاصة بحماية المدنيين.
وقالت المنظمات أنه يفترض أن يستمر المجتمع الدولي في الضغط على القوات السورية والروسية لكي تفي بالتزاماتها، وتحترم القانون الدولي الخاص بحماية المدنيين في النزاعات المسلحة، معتبرة أن تجدد القتال بمحافظة إدلب والتهديدات بمزيد من التصعيد سيسبب مخاطر جسيمة تهدد حياة السكان المدنيين.
ويواجه المدنيون في إدلب مع ظروف الشتاء القارس وعدم كفاية الملاجئ للنازحين وتكدس أماكن السكن المؤقت، وضعًا إنسانيًا مروعًا، حيث يموت الأطفال بسبب انخفاض درجات الحرارة وتدهور الظروف المعيشية في المخيمات الخاصة بالنازحين، لافتة إلى أن مجرد إدانة الانتهاكات لم تعد كافية.
وأكدت المنظمات أن إدلب معرضة حاليًا لأزمة إنسانية آخذة في التدهور، ولقد أدت بالفعل حتى الآن إلى انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وتزيد من انعدام الاستقرار بالمنطقة.
وحذر “هاني مجلي” من بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا، من أن أعمال الترهيب بحق السكان المدنيين في إدلب، والتي تمثل محاولة لإخلاء المناطق من السكان واسترداد الأراضي تمثل جريمة حرب، ومن ثم فلابد ألا تؤدي أية اتفاقات وقف إطلاق نار بين أطراف النزاع إلى مزيد من النزوح.
واعتبرت أن فشل المجتمع الدولي المتكرر في التحرك بشكل فعال لحماية المدنيين في أدلب، أدى إلى تشجيع القوات السورية والروسية على ارتكاب جرائم الحرب الممنهجة والانتهاكات الأخرى للقانون الدولي، بما في ذلك الهجمات المستهدفة للبنية التحتية المدنية والمرافق الطبية، وانتشار الهجمات العشوائية بالمناطق المأهولة.
وعبرت المنظمات الموقعة على البيان عن عميق القلق إزاء استخدام حرس الحدود اليونانيين للقوة المفرطة على الحدود مع تركيا وفي البحر، مما أسفر عن مقتل لاجئ سوري، وذلك بعد قرار تركيا فتح الحدود مع اليونان في محاولة للضغط على الاتحاد الأوروبي كي يدعم عملية تركيا العسكرية في إدلب. كما علقت تركيا نظر طلبات اللجوء لشهر واحد على الأقل.
ودعت دول الجوار وكافة الدول أعضاء الاتحاد الأوروبي، إلى توسيع نطاق قبول اللاجئين وأن تبذل قصارى جهودها لتيسير إعادة التوطين، بحيث يمكن للسوريين الهاربين من العنف أن يصلوا إلى الملاذ الآمن، وعلى الحكومة التركية أيضاً أن تكف عن استخدام اللاجئين كورقة ضغط لإحراز مكاسب سياسية.
وطالب البيان من كافة الأطراف وقف الهجمات التي تستهدف المدنيين، وتضمن حمايتهم، وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية اللازمة لهم، وعلى المجتمع الدولي أن يتخذ إجراءات فورية لدعوة سوريا وروسيا وتركيا إلى إنهاء القتال في إدلب وشمال شرق سوريا على الفور، والالتزام باتفاقات وقف إطلاق النار ذات الصلة.
وشدد أنه على الأطراف من الدول والأطراف غير التابعة لدول أن تتشارك في جمع وتقديم كافة الأدلة على الجرائم الخطيرة المرتكبة في شمال غرب سوريا مع الآلية الدولية المحايدة والمستقلة ومع بعثة تقصي حقائق الأمم المتحدة المعنية بسوريا.
وعلى هذه الهيئات الاستمرار في إجراء التحقيقات العاجلة وجمع الأدلة الخاصة بالهجمات الأخيرة في إدلب وشمال غرب سوريا، وعلى كافة الدول والأطراف غير التابعة لدول أن تتعاون بالكامل مع هيئات التحقيق. وعلى المجتمع الدولي أن يسعى للمحاسبة عبر الملاحقات الجنائية على أية جرائم مرتكبة، وهذا عبر كافة المحافل المتوفرة لإحقاق العدالة.
وطالبت الأمين العام للأمم المتحدة أن يصدر على الملأ ما خلصت له لجنة تحقيق الأمم المتحدة بشأن تدمير البنية التحتية المدنية، مع وذكر الجناة بالأسماء، وتسليط الضوء على الاستهداف الممنهج للرعاية الصحية في سوريا، كما دعت الأمين العام إلى توسيع نطاق ولاية التقصي بحيث يشمل التحقيق بشكل شامل في الاستهداف المتفشي والممنهج لتلك المنشآت من قبل الجيش السوري والقوات الجوية الروسية والجماعات المسلحة.
وأكد أنه على الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي بأسره الاستمرار في المراقبة وفرض جزاءات على الفاعلين بالقطاع الخاص المرتبطين بانتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة ضد الشعب السوري، وتوسيع نطاق التدابير التقييدية الصادرة عن الاتحاد الأوروبي لتشمل أي جناة بغض النظر عن انتماءاتهم.
وطالب البيان مكتب الأمين العام زيارة إدلب والمعبر الحدودي مع تركيا والاستمرار في دعوة كافة الأطراف إلى اعتماد وقف فوري لإطلاق النار، وضمان حماية المدنيين، ومجلس الأمن أن يتخذ خطوات فورية لتنفيذ قراراته العديدة التي دعت لإنهاء القتال في سوريا من مختلف الأطراف، وإعلاء أولوية التدابير الخاصة بحماية السكان المدنيين في إدلب وحولها.
ووقع على البيان كلاً من المنظمات “مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، دولتي، المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”.
شبكة شام الإخبارية