منبج تحبس أنفاسها استعدادًا لدخول النظام

يصب النظام السوري اليوم، اهتمامه على مدينة منبج شمال شرقي حلب، سعيًا للعودة إليها بعد سنوات طويلة من إخراجه منها، من قبل فصائل الجيش الحر التي تمكنت من دخولها في حزيران 2012.

عاشت بعدها المدينة قرابة العامين في حالة من التنظيم، من قبل الفصائل المتعاونة مع المجلس المحلي، إذ لم تسجل فيها حالات تخريب أو نهب، على عكس مدن أخرى في الشمال السوري.

كما أنها لم تشهد أي شكل من أشكال النزاع العرقي، رغم أنها تجسّد طيفًا من التنوّع القومي (عربي، كردي، تركماني، وشركسي).

ولعل إرادة التعايش بين سكان المدينة، جعلت من المدينة المكان الأمثل لمعظم البعثات الصحفية العربية والأجنبية، والتي بدأت تتوافد عليها، لتنقل عن كثب الوجه الحقيقي للثورة السورية.

ظلّت منبج على هذا الحال من التعايش السلمي، حتى مطلع عام  2014 حين هاجمها تنظيم “الدولة الإسلامية” من ثلاثة أطراف، وحاصرها لمدة أسبوع حتى تمكن من فرض سيطرته عليها بشكل كامل، وفرض فيها قوانينه، على قرابة 250 ألفًا من سكان المدينة الأصليين، والنازحين من مناطق سورية أخرى.

ومع اتساع رقعة سيطرة التنظيم وتدخل التحالف الدولي ضده، بمشاركة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) تمكنت الأخيرة من السيطرة على منبج في آب 2016، لتدخل المدينة بعد هذا التاريخ حقبة جديدة مليئة بالتجاذبات، أطرافها أمريكا وتركيا والنظام السوري.

منبج مُهمة لجميع المتنافسين

تتربع منبج على عقدة مهمة من الطرق، تربط بين شرق الفرات وغربه، ويسعى النظام السوري، لإعادة سيطرته عليها، لأنه يعتبرها خط اقتصادي مهم، فهي تبعد عن مدينة حلب، ذات الثقل الاقتصادي، مسافة 30 كيلو مترًا فقط.

ومن الناحية العسكرية، يعتبر النظام السيطرة على مدينة منبج، الخطوة الأولى لإعادة سيطرته على مناطق أخرى في شرق الفرات.

ومنذ بدء العملية العسكرية التركية، في شرق الفرات، في 9 من تشرين الأول، حذّرت “قسد” من تحركات عسكرية لقوات النظام السوري بدعم روسي، على تخوم منبج.

ويوم أمس، السبت 12 تشرين من الأول، قالت وكالة سبوتنيك، إن تحركات النظام في منبج تأتي بموجب اتفاق تم التوصل إليه بين روسيا وسوريا من جهة، وبين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية و”قسد” من جهة ثانية.

ولفتت إلى أن “الاتفاق يتضمن انتشار وحدات الجيش السوري مع أسلحتها الثقيلة والمتوسطة في مدينة منبج، ورفع العلم السوري فوق المراكز الحكومية داخل المدينة وعلى مداخلها ومخارجها”.

ليس النظام وحده من يريد السيطرة على منبج، فلتركيا غاية في إحكام قبضتها على المدينة التي تبعد عن حدودها 30 كيلو مترًا، من أجل إنشاء منطقة آمنة في شرق الفرات.

وعلى الرغم من أن القوات التركية وفصائل “الجيش الوطني” السوري بدأت بالفعل، في 9 من تشرين الأول الحالي، عملية عسكرية تحت اسم “نبع السلام” هدفها المعلن، بحسب أنقرة، إنشاء منطقة آمنة على حدودها، لكن المسؤولين الأتراك لم يعلقوا حتى الآن على تحركات النظام قرب منبج، من المفترض، أن تشملها الخطة التركية.

أما بالنسبة لـ “قسد” فمنبج تعتبر شريانًا اقتصاديًا، فهي تربط مناطق سيطرتها في شرق الفرات (ديرالزور، الرقة، القامشلي، والحسكة) بمنطقة غرب الفرات.

واشنطن وأنقرة.. خارطة طريق لم تطبق

استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية مدينة منبج التي تخضع لسيطرة “قسد” كورقة ضغط على تركيا.

وشهدت السنوات القليلة الماضية نقاشات طويلة ومتكررة بين واشنطن وأنقرة حول منبج، توّجت في حزيران عام 2018 بـ “خارطة طريق”، قال الأتراك إنها ستطول 90 يومًا، وستنتهي بخروج “قسد” من المدينة وتسليمها لمجلس محلي منتخب.

لم يطبق من “خارطة منبج” سوى بند تسيير دوريات مراقبة مشتركة بين القوات الأمريكية والقوات التركية، واعتبرت أنقرة مرارًا أن واشنطن لا تريد تطبيق اتفاق منبج وأنها تقوم بإضاعة الوقت فقط.

المصدر : شبكة شام الإخبارية