نبذة عن السفارة
في شهر مارس، 2013، قامت دولة قطر مشكورة بتسليم السفارة السورية في الدوحة إلى ممثلي الشعب السوري وهي منذ ذلك الوقت حتى اليوم، ترفع علم الثورة وتخدم جميع السوريين في قطر بغض النظر عن عرقهم أو دينهم أو انتمائهم السياسي وستواصل السفارة العمل من أجل الدفاع عن حقوق جميع السوريين في قطر وحول العالم، وكذلك من أجل سوريا خالية من القمع والاستبداد.
سردية الثورة السورية
سوريا: مهد الحضارة
تحتل سوريا مكانة أساسية في تاريخ الحضارة، من الزراعة إلى الكتابة إلى ديانات التوحيد وحصلت العديد من التطورات الرئيسية في تاريخ البشرية على أرض سوريا، وكانت تشكل مفترق طرق حاسم للتجارة بين البحر الأبيض المتوسط والمشرق العربي. وسهلت سبل الالتقاء والتفاعل بين مختلف الثقافات والأديان والحضارات.
ونتيجة لذلك، تعد دمشق وحلب من بين أقدم المدن المأهولة بالعالم بشكل متواصل دون انقطاع.
وبسبب تاريخها الغني والمتنوع ، تعد سوريا موطناً للعديد من المجموعات العرقية والمجتمعات الدينية والمحميات الثقافية والتاريخية. وقد عاشت جميع هذه المجموعات المختلفة في سلام ووئام نسبي لعدة قرون، وأقامت علاقات ودية فيما بينها في جو من التسامح .
الثورة والإستقلال
حصلت سوريا على استقلالها عام 1946. وانعكس تنوعها السكاني في حياتها الإجتماعية والسياسية حيث تم تأسيس العديد من الأحزاب السياسية والإتحادات الطلابية والمهنية وغيرها من المكونات المدنية التي تسعى لتحقيق أهداف مختلفة. وعلى الرغم من عدم استقرار الحكومات المتعاقبة، بقي المجتمع السوري نابضاً بالحياة ومنظماً بشكل كبير.
اغتصاب البعث للسلطة
وصل حزب البعث إلى السلطة لأول مرة من خلال انقلاب عسكري عام 1963، وفرض حالة الطوارئ على الفور، وأدت الصراعات الداخلية للحزب فيما بعد إلى استيلاء حافظ الأسد على السلطة عام 1970.
سيطر حكم الأسد على جميع شرائح المجتمع من خلال أجهزة المخابرات العسكرية، وحرم مواطنيه من ممارسة معظم الحريات المدنية الأساسية وارتكب مجزرة حماة عام 1982، حيث قتل الآلاف من المدنيين، مما يعد مثالاً لا يمكن إنكاره على وحشية نظام الأسد.
وبالإضافة إلى المجازر الجماعية، استشرى الفساد والفقر على واقع الحياة اليومية في سوريا تحت حكم حافظ الأسد بالإضافة إلى القمع والإعتقال القسري والتعذيب حتى الموت في معظم الأحيان.
وقد كان يُعتقد أن الانتقال من حكم الأب حافظ إلى ابنه بشار عام 2000 من شأنه أن يجلب بعض الإنفتاح على النظام، لكن وحشية عائلة الأسد استمرت بطغيانها، وقوبلت بعض التجارب والمحاولات لإعادة تأهيل النظام مثل “ربيع دمشق” و”إعلان دمشق” عام 2005 بنفس اللامبالاة والقمع العنيف من قبل النظام.
بداية الثورة السورية
مع اندلاع ثورات الربيع العربي عام 2011، كان السوريون ينتظرون دورهم بفارغ الصبر لإنهاء عقود من طغيان عائلة الأسد. وعندما كتب عدد من الأطفال بعض الكتابات المناهضة للنظام على جدران مدارسهم في مدينة درعا الجنوبية، تم اعتقالهم وتعذيبهم بعنف على أيدي مسؤولي الأمن لدى النظام حتى الموت. وبسبب البنية الإجتماعية التقليدية والمتماسكة في المنطقة، كان رد فعل الأهالي في درعا قوياً جداً ووقفوا ضد تعذيب الأطفال وضد الإهانات التي وجهها مسؤولو النظام إلى عائلاتهم. وفي هذه الأثناء، اندلعت أيضاً مظاهرات سلمية في العديد من المدن والقرى السورية، من دمشق إلى بانياس. ومع ذلك، رد النظام باستخدام القوة الوحشية والإعتقالات الجماعية والتعذيب. وسرعان ما توسعت الموجة الأولى من الاحتجاجات لتشمل البلاد بأكملها، وتمثلت مطالب الناس بالحرية والعدالة والكرامة ومن ثم المطالبة بإسقاط النظام.
سلمية الثورة
على الرغم من القمع والأعمال الوحشية للنظام، حافظ المتظاهرون على سلمية الثورة في مراحلها الأولى وكانوا من جميع فئات المجتمع السوري، ولديهم خلفيات عرقية وثقافية ودينية متنوعة، لكنهم كانوا يعانون من نفس سياسات النظام، وهي انعدام الحريات في ظل القمع العسكري الإستخباراتي الذي يمارسه النظام عليهم، بالإضافة إلى الفساد والظلم الإجتماعي. مع العلم أن النظام بذل كل ما في وسعه لتشويه صورة الثورة، بينما أكد المتظاهرون باستمرار على الطابع السلمي لها، وشددوا على وحدة الشعب السوري الذي يحلم بمستقبل واعد.
ومع انتشار الإحتجاجات واستمرارها، ظهرت لجان مدنية محلية لضمان التواصل والتنسيق عبر مختلف المناطق، التي عاشت كمجتمعات معزولة إلى حد بعيد تحت حكم الأسد. وكانت لجان التنسيق المحلية تهدف إلى تشكيل إنطباع مؤسساتي شامل للعديد من المجموعات الصغيرة والكبيرة وتغطية عشرات المناطق. وكانت بمثابة التعبير المؤسسي للحركة الثورية السلمية في سوريا، وسرعان ما أصبحت الشخصيات الرئيسية في اللجان نقاط محورية لتنسيق المظاهرات والرؤى السياسية والعمل الثوري.
حمزة الخطيب، صبي يبلغ من العمر 13 عاما عذب حتى الموت في درعا بسبب لوحات على جدار المدرسة |
سلطان الأطرش، الزعيم الدرزي وقائد ثورة 1925-27 |
صالح العلي، زعيم علوي ثار ضد الاحتلال الفرنسي |
الحراك الثوري على الساحة الدولية
مع ازدياد وتيرة الحراك الثوري واشتداد وحشية النظام، بدأت العديد من شخصيات المعارضة والجماعات والمنصات داخل سوريا وخارجها في البحث عن تشكيل جسم سياسي مشترك للمعارضة . وفيما يلي بعض المبادرات الهامة التي اتُخذت في هذا الصدد:
- 15 أيلول/سبتمبر 2011 اسطنبول، تركيا: تأسيس المجلس الوطني السوري رسمياً.
- 23 شباط/فبراير 2012 تونس: اجتماع وزراء خارجية ودبلوماسيون من قرابة 60 دولة في تونس لإظهار الدعم الدولي للمعارضة السورية وإنشاء مبادرة أصدقاء سوريا.
- 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، الدوحة: اندمجت كل المجموعات المعارضة، بما في ذلك المجلس الوطني السوري، تحت مظلة جسم واحد بأسم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، أو مايسمى اختصاراً الائتلاف.
- 12 كانون الأول/ديسمبر 2012 – مراكش: حضر ممثلو 114 دولة وأعلنوا أن الأسد فقد شرعيته وينبغي أن يتنحى جانباً للسماح بإطلاق عملية انتقال سياسي مستدامة. وتم الاعتراف بالائتلاف الوطني كممثل شرعي للشعب السوري. واعترفت دول مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وتركيا والعديد من الدول الأخرى بالائتلاف كممثل شرعي للشعب السوري.
- آذار/مارس 2012: بعد هذه التطورات، عين الائتلاف ممثلين له في العديد من العواصم العربية والأجنبية.
- بتاريخ 27 آذار/مارس 2013، أُعطي مقعد سوريا في الجامعة العربية للمعارضة، وبتاريخ 28 مارس/آذار من نفس العام، سلمت دولة قطر السفارة السورية إلى الائتلاف، ورُفع علم الثورة في مبنى السفارة.
تدمير الحرب
أسفرت حرب النظام ضد شعبه عن أخطر انتهاكات حقوق الإنسان التي حصلت منذ الحرب العالمية الثانية. حيث تعمد النظام منذ البداية استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس وأماكن العبادة وحاصرت قوات النظام ملايين الأشخاص في مختلف البلدات والمناطق السورية ودام الحصار في بعض المناطق لعدة سنوات مما أدى إلى مجاعة تسبب بموت الناس جوعاً.
إن جرائم الأسد ضد الإنسانية لم ترتكب فقط بالأسلحة التقليدية. فقد وثقت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التابعة للأمم المتحدة في العديد من المناسبات هجمات كيميائية من قبل النظام على المدنيين. وأودت تلك الهجمات بحياة 1400 مدني بريء في الغوطة الشرقية، و90 في خان شيخون، و48 في دوما، بالإضافة إلى اثنتي عشرة حالة أخرى طوال فترة النزاع. مما تسبب بتضرر آلاف الناس من آثار تعرضهم للمواد الكيميائية مدى الحياة.
وبينما كان النظام يخسر الأرض لصالح قوات المعارضة وأصبح سقوطه حتمياً على نحو متزايد، قدم له حلفاؤه المجرمون الدعم العسكري مما ساهم، بالإضافة إلى صعود الجماعات المتطرفة التي استغلت معاناة السوريين، في تحول الخطاب الدولي حول سوريا، وتخفيف الضغط على النظام.
إن الدمار الشامل الذي سببته حروب الأسد على السوريين كان مروعاً وفيما يلي بعض النتائج:
- فَقَد ما لا يقل عن 227 ألف مدني أرواحهم، بينهم 30 ألف طفل و16 ألف امرأة، وأكثر من 90٪ منهم من قوات النظام وحلفائها.
- تعرض أكثر من 1,300 مرفق تعليمي وطبي للهجوم، بالإضافة إلى 1400 هجوم على دور العبادة.
- قُتل قرابة 500 من العاملين في المجال الإنساني، مما جعل سوريا واحدة من أخطر الأماكن على وجه الأرض بالنسبة للعاملين في هذا المجال.
- 6 ملايين لاجئ و7 ملايين نازح
- 70٪ من اللاجئين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة
- 5 مليون طفل، في سوريا وفي البلدان المضيفة، بدون تعليم.
- 2 مليون سوري يعيشون تحت خط الفقر
- 13 مليون شخص يواجهون الجوع وبحاجة ماسة للمعونات الإنسانية
- 90٪ من الأشخاص يعيشون تحت خط الفقر
- أكثر من 1 مليون شخص يعيشون في المخيمات
المعتقلون وضحايا التعذيب
من أكثر النتائج المدمرة لاعتداءات الأسد بحق السوريين هي أن أكثر من مائة ألف سوري ما زالوا معتقلين تعسفياً، وأغلبهم اختفوا قسرياً وأدى تعذيب المعتقلين على أيدي مجرمي النظام إلى وفاة أكثر من 15 ألف سوري وجميع تلك الوفيات موثقة. ووقع أكبر عدد من الإعتقالات التعسفية والتعذيب في السنوات الأولى للثورة، واستمر النظام في ممارساته الإجرامية حتى يومنا هذا، ولا يزال مكان إعتقال مئات الآلاف من السوريين مجهولاً.
وقد أصبح المجتمع الدولي على دراية بسجون التعذيب الأسدية عندما قام منشق عسكري يدعى قيصر بتهريب 28,707 صورة تظهر ما لا يقل عن 6,786 معتقلاً ماتوا في السجون أو المستشفيات العسكرية. وجاء أكبر عدد من الصور من فرع المخابرات العسكرية 215، وكانت جميع الجثث لمواطنين سوريين معتقلين في منطقة دمشق وريفها.
وفي الآونة الأخيرة، واستنادا إلى مبدأ الولاية القضائية العالمية، أدانت ألمانيا أحد عناصر النظام بالسجن مدى الحياة لارتكابه جرائم ضد الإنسانية. وهناك حالات مماثلة تجري محاكمتها في ألمانيا وبعض البلدان الأوروبية. وهذه الولايات القضائية الوطنية هي الخيار الوحيد في الوقت الحالي لمحاسبة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية، ومكافحة الإفلات من العقاب.
العملية السياسية
كرست المبادئ الأساسية للحل السياسي في سوريا وثيقتين دوليتين مهمتين، هما بيان جنيف لعام 2012، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 (2015). ومع ذلك، وعلى الرغم من تعدد المبادرات والمفاوضات والعمليات، لم يتم إحراز أي تقدم لتحقيق حل سياسي للأزمة.
من عام 2012 إلى عام 2018 ، عقدت تسع جولات من المحادثات في جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة. وتم إطلاق مسار مواز مطلع عام 2017 في مدينة أستانا الكازاخستانية، حيث تتواجد روسيا وإيران وتركيا بالإضافة إلى ممثلي النظام والمعارضة. وكانت إحدى النتائج الملموسة لعملية أستانا هي إعلان مناطق خفض التصعيد، التي تجاهلها النظام وروسيا في نهاية المطاف وبشكل كامل.
في عام 2019، تم إنشاء لجنة دستورية، تضم ممثلين عن النظام والمعارضة والمجتمع المدني السوري. وعلى الرغم من مرور أكثر من سنيتن، لا تزال اللجنة منقسمة حول بعض إجراءات العمل الأساسية.
الوضع الحالي
يبقى النزاح المسلح عام 2022 عند أدنى مستوى له منذ بداية الثورة في مارس/آذار 2011. ومع ذلك، لا تزال الظروف المعيشية سيئة للغاية في المناطق التي يسيطر عليها النظام ولا يزال الفساد والفقر والإفتقار إلى الإحتياجات الأساسية وانعدام الأمن والإعتقال التعسفي يشكل رمزاً إلى سوريا الأسد مما يدفع بالمزيد من السوريين الذين يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها الأسد إلى البحث عن ملجأ لهم في أماكن أخرى.
على الرغم من معاناة السوريين من كل هذا الظلم، إلا أن مبادئ الثورة النبيلة لا تزال حية في قلوب السوريين الأحرار، ولا يزال إصرارهم راسخاً بأن الحق سينتصر، عاجلا أم آجلا.