قصف روسي على إدلب: تعمُّد قتل المدنيين

مع دخول العام الجديد، كثّف الطيران الروسي قصفه شمال غربي سورية، بالتوازي مع قصف مدفعي من قبل قوات النظام السوري طاول مناطق في ريف إدلب الجنوبي، ما يشير إلى أن المحافظة لا تزال هدفاً بارزاً لهذه القوات، وأن الجولة الماضية من مسار أستانة لم تثبّت وقفاً جدياً لإطلاق النار.

وذكر ناشطون إعلاميون محليون أن الطائرات الحربية الروسية قصفت، صباح أمس الأحد، محيط بلدة مصيبين في ريف إدلب الجنوبي، مستهدفة بالصواريخ الفراغية منطقة جبل الأربعين بالقرب من مدينة أريحا في ذات الريف، بموازاة قصف مدفعي من قبل قوات النظام على محيط بلدة فليفل.

القصف لن ينجح في إجبار السوريين على قبول أي حل يُبقي الأسد

وفي السياق، طاول قصف الطائرات الحربية الروسية، أمس، محيط مدينة إدلب. وكانت امرأة وثلاثة أطفال قد قُتلوا وأصيب خمسة آخرون جراء القصف الجوي الروسي على منطقة النهر الأبيض، في ريف جسر الشغور في ريف إدلب الغربي.

ويأتي التصعيد الروسي في الشمال الغربي من سورية بعد أيام قليلة على الجولة الـ17 من مسار أستانة التفاوضي حول القضية السورية، التي عُقدت في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ما يؤكد أن تفاهمات هذا المسار بين الثلاثي الضامن (تركيا، روسيا، إيران)، هشة ولا تؤسس لحالة استقرار أمني في محافظة إدلب.

وتشير المعطيات الميدانية إلى أن ما تبقّى من محافظة إدلب خارج سيطرة النظام ما يزال هدفاً للجانب الروسي، خصوصاً البلدات التي تقع جنوب الطريق الدولي “أم 4” (طريق حلب ـ اللاذقية).

العين على طريق “ام 4”

وفشل الروس والأتراك في استعادة الحركة التجارية على هذا الطريق، على الرغم من إبرامهم أكثر من اتفاق حول ذلك، آخرها اتفاق موسكو في مارس/ آذار من عام 2020، والذي لا يزال متحكماً بالمعادلات العسكرية في الشمال الغربي من سورية.

وعلى الرغم من هشاشة هذا الاتفاق، خصوصاً لجهة وقف إطلاق النار، إلا أن الجانبين الروسي والتركي حريصان حتى اللحظة على بقائه، خشية الانزلاق إلى مواجهات عسكرية مفتوحة على كل الاحتمالات يصعب التحكم بمآلاتها.

وعن ذلك، قال المحلل العسكري العميد مصطفى الفرحات، في حديث مع “العربي الجديد”، إن “القصف الروسي لم ينقطع على شمال غربي سورية طيلة سنوات”، مضيفاً أن “الهدف الروسي هو إخضاع محافظة إدلب”.

ورأى الفرحات أن القصف الروسي “لا يحمل دلالات سياسية كبيرة”، مضيفاً أن “الكلام الروسي عن مكافحة الإرهاب عارٍ من الصحة، فلم نلحظ أن المقاتلات الروسية استهدفت مواقع لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) في شمال غرب سورية. الروس يستهدفون المدنيين في قصفهم للضغط عليهم”.

التخبّط الروسي في سورية

واعتبر أن “الروس يتخبطون في المستنقع السوري، وليست لديهم وسيلة لإخضاع السوريين إلا بالقوة”، مضيفاً: “موسكو تدرك أن هذا القصف عبثي وأن الحل في سورية سياسي يقوم على خروج بشار الأسد من السلطة. يجب على الروس إنجاز حل سياسي في سورية، لأن هذا القصف لن ينجح في إجبار السوريين على قبول أي حل يُبقي الأسد في المعادلة السياسية”.

وتسيطر فصائل المعارضة و”هيئة تحرير الشام” على جزء كبير من محافظة إدلب، منها بلدات ومدن جنوب الطريق الدولي “أم 4”، الذي يسعى الروس جاهدين للسيطرة عليه في محاولة لإنعاش اقتصاد النظام المتهالك.

وتعد منطقة جبل الزاوية، التي تضم أكثر من 30 بلدة وقرية، هدفاً دائماً لقوات النظام، فمن دون السيطرة على هذه المنطقة، لا يمكن التحكم بالطريق الدولي “أم 4”.

الكلام الروسي عن مكافحة الإرهاب عارٍ من الصحة

وكانت قوات النظام قد استعادت السيطرة الكاملة على الطريق الدولي “أم 5” (طريق حلب ـ دمشق) مطلع عام 2020. واستقرت خريطة السيطرة على هذا الشكل في مارس 2020، بعد أن طردت قوات النظام، تحت غطاء جوي روسي، الفصائل من ريف حماة الشمالي، ومن ريف حلب الجنوبي الغربي، ومن أغلب الريف الشرقي لإدلب ومناطق من الريف الجنوبي.

وتهجر ملايين السوريين بسبب العمليات العسكرية أواخر عام 2019 وفي الربع الأول من عام 2020، إذ تحوًل القسم الأكبر من مدن كاملة، ومنها معرة النعمان وسراقب وخان شيخون، إلى دمار بسبب القصف الجوي والمدفعي. ولم تنته قوات النظام من عمليات “تعفيش” واسعة النطاق في هذه المدن بعد، وفق مصادر محلية تؤكد أن هذه القوات “عفشت كل شيء في هذه المدن”.

 

العربي الجديد