أكّد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف، رفضه التام جملة وتفصيلاً لتصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي مؤكداً أنها تعكس فهماً قاصراً وقراءة سطحية لما يجري في اليمن، في الوقت الذي تبرأ فيها رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي من تصريحات الوزير مشدداً أنها “كلام مرفوض ولا يعبر عن موقف الحكومة إطلاقاً” وكانت قبل توزيره.
استنكار خليجي رسمي
واستنكر الحجرف في بيان رسمي تعرض الوزير اللبناني لكلاً من السعودية التي تقود التحالف العربي لدعم الشرعية اليمنية، ودولة الإمارات خلال حديثه متهماً إياهم بالاعتداء على اليمن، في الوقت الذي يعمل التحالف العربي لدعم الشرعية على إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح قبل الانقلاب الحوثي على الشرعية في أيلول 2014″.
وطالب الأمين العام وزير الإعلام اللبناني بالرجوع إلى الحقائق التاريخية وقراءة تسلسلها ليتضح له حجم الدعم الكبير الذي تقدمه دول التحالف العربي بقيادة السعودية لدعم الشرعية للشعب اليمني في كافة المجالات والميادين.
كما استنكر معالي الامين العام دفاع وزير الإعلام اللبناني عن جماعة الحوثي الانقلابية في الوقت الذي يتجاهل فيه تعنت الحوثي ضد كل الجهود الدولية الرامية لإنهاء الازمة اليمنية.
وطالب الحجرف الوزير قرداحي بعدم قلب الحقائق، كما طالبه بالاعتذار عما صدر منه من تصريحات مرفوضة، مؤكداً بأن على الدولة اللبنانية أن توضح موقفها تجاه تلك التصريحات.
لا يعبر عن الحكومة
وقال رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، إن التصريحات التي أدلى بها وزير الإعلام قرداحي المتداولة على وسائل الإعلام بخصوص حرب اليمن كانت قبل توليه منصبه الوزاري، مشدداً على أن هذه التصريحات “كلام مرفوض ولا يعبر عن موقف الحكومة إطلاقاً”.
جاء ذلك في بيان أصدره المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة اللبنانية، مساء يوم الثلاثاء، قال فيه: إن ميقاتي “يعلن تمسك لبنان بروابط الأخوة مع الدول العربية الشقيقة، والمحددة بشكل واضح في البيان الوزاري للحكومة، والتي ينطق باسمها ويعبر عن سياستها وثوابتها رئيس الحكومة والحكومة مجتمعة”.
وأضاف ميقاتي في بيانه أن ما يجري تداوله من تصريحات لوزير الإعلام قرداحي “يندرج ضمن مقابلة أجريت معه قبل توليه منصبه الوزاري بعدة أسابيع”.
وشدد رئيس الوزراء اللبناني على أن هذه التصريحات “كلام مرفوض ولا يعبر عن موقف الحكومة إطلاقاً، خاصة في ما يتعلق بالمسألة اليمنية وعلاقات لبنان مع أشقائه العرب وتحديداً الأشقاء في المملكة وسائر دول مجلس التعاون الخليجي”.
وقال ميقاتي إنه وحكومته “حريصون على نسج أفضل العلاقات مع السعودية، ويدينون أي تدخل في شؤونها الداخلية من أي جهة أو طرف أتى”.
قرداحي يبرر
وخلال مشاركته في برنامج “برلمان شعب” الذي تنتجه “الجزيرة O2″، قال قرادحي في البرنامج الذي تنتجه ويبث رقمياً، إن “الحوثيين يدافعون عن أنفسهم ولا يعتدون على أحد”، وإنه “لا مجال للمقارنة بين جهد حزب الله اللبناني في تحرير الأرض اللبنانية، وبين دفاع الحوثيين عن أنفسهم في وجه اعتداء خارجي تقوم به السعودية والإمارات“.
ودافع “قرداحي” باستماتة عن مواقفه المؤيدة للأنظمة المستبدة في العالم العربي وعلى رأسها نظام بشار الأسد في سوريا، وانقلاب عبد الفتاح السيسي في مصر، إلى جانب مدحه لحزب الله اللبناني والحوثيين المدعومين من إيران.
كما تمنى قرداحي في تصريحاته أن يقود الجيش اللبناني انقلاباً عسكرياً مؤقتاً في لبنان لإنهاء الأزمات الحاصلة فيه.
وبعد الضجة الإعلامية التي أحدثها بعد بث البرنامج يوم الإثنين الماضي، برر “قرداحي” بعض تصريحاته في سلسلة تغريدات، في الوقت الذي أكّدت وسائل إعلامية لبنانية أن أزمة دبلوماسية تلوح في الأفق بين السعودية ولبنان.
وقال الوزير قرداحي، أمس الثلاثاء، في سلسلة تغريدات عبر حسابه في تويتر، أن ما ورد من تصريح له بشأن حرب اليمن، جاء ضمن مقابلة في برنامج “برلمان الشباب” أجريت في 5 آب الماضي، أي قبل شهر من تعيينه وزيراً في حكومة ميقاتي.
وتابع وزير الإعلام اللبناني “لم أقصد ولا بأي شكل من الأشكال، الإساءة للمملكة العربية السعودية أو الإمارات اللتين أكنّ لقيادتيهما ولشعبيهما كل الحب والوفاء”.
وأضاف الوزير اللبناني “ما قلته بأن حرب اليمن أصبحت حرباً عبثية يجب أن تتوقف، قلته عن قناعة ليس دفاعاً عن اليمن، ولكن أيضاً محبة بالسعودية والإمارات وضناً بمصالحهما”.
جدير ذكره أن التحالف الذي تقوده السعودية بمشاركة الإمارات في اليمن بدأ عملياته العسكرية فيها في آذار 2015 دعماً للحكومة الشرعية بعد سيطرة الحوثيين (مدعومين من إيران) على العاصمة صنعاء عام 2014، واستيلائهم على السلطة بالقوة.
أزمة تلوح بالأفق
ونقلت قناة “إم تي في” اللبنانية عن مصادر سعودية لم تسمها “نحن أمام أزمة دبلوماسية حادة بسبب تصريحات قرداحي”. ولم يصدر أي تعقيب عن السفير السعودي في بيروت وليد بخاري، الذي اكتفى -عبر حسابه في تويتر- بإعادة نشر أخبار تتحدث عن أزمة دبلوماسية جديدة مع لبنان.
من جانبه، قال الكاتب اللبناني نضال السبع في تغريدة على تويتر “بسبب إخفاق الوزير جورج قرداحي نحن مقبلون على أزمة دبلوماسية حادة خلال الساعات القليلة المقبلة، مطلوب الآن استقالة جورج قرداحي. لأن العلاقة مع السعودية هي علاقة مقدسة وهي أهم من كل الأشخاص”.
في حين قال السعودي أحمد الناقي “وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي يتوهم أن سياسة الدفع مقابل الصمت معمول بها. على جورج أن يقول ويقول ويقول فالحديث لسيادة القانون الدولي فالمملكة تدافع عن الأرض اليمنية بموجب نداء الشرعية عندما استولى المتمرد الحوثي على العاصمة اليمنية وهدد باندلاع الحرب الأهلية والطائفية”.
من جهته، قال السعودي عبد العزيز التويجري: “جورج قرداحي ليس الأول ولن يكون الأخير في قائمة الانتهازيين المتلوّنين. لا ألومه لكنني ألوم من جاء به وأكرمه بعدما كشف وجهه الحقيقي. وها هو اليوم ينقلب على عقبيه مرة أخرى”.
وعلق المخرج السعودي عامر الحمود قائلاً: “أنا اليوم بصراحة أكتب هذه التغريدة وأنا كلي آلم من هذه الاشكال الي يصنعهم اعلامنا ويقدمهم في كل المحافل ويحتفي بهم وفي الاخر هذه وجهة نظرهم تجاهنا والحقيقة هذه عينة منهم لأن أغلبهم لايحبون السعودية لمكانتها وإنما يحبون فلوسها بس احذروهم”.
وتساءل الأمير السعودي عبد الرحمن بن مساعد بن عبد العزيز، جورج قرداحي صرحت بأنك لم تقصد الإساءة للسعودية والإمارات هل تظننا حمقى؟ هل أنت أحمق؟ هل تصدق أنك وزير؟ هل تعتقد أنك ذكي؟ بإمكانك الإستعانة بجمهور الضاحية أو الاتصال بصديق من التيار الحر، بانتظار جوابك النهائي”.
من هو جورج قرداحي؟
ويعد جورج قرداحي من أبرز الإعلاميين اللبنانيين، ومن المقربين من نظام الأسد وحزب الله اللبناني المدعومين من إيران في المنطقة.
وهو من مواليد 1951، ولد في قرية فيطرون في قضاء كسروان في محافظة جبل لبنان، حاصل على إجازة بالحقوق والعلوم السياسية من الجامعة اللبنانية.
عمل في مجال الصحافة والإعلام منذ سبعينيات القرن الماضي، ولمع نجمه بعد عام 2000 بعد أن قدم برنامج “من سيربح المليون” على قناة “إم بي سي” السعودية.
وفي 10 أيلول الماضي، عين قرداحي وزيراً للإعلام في لبنان بعد عام من فراغ نتج عن انقسامات سياسية حادة ساهمت في تعميق أزمة اقتصادية غير مسبوقة يتخبط فيها لبنان منذ عامين.
تلفزيون سوريا