أعلن “المؤتمر السوري لاستعادة القرار والسيادة“، الذي أنهى أعماله في ساعة متأخرة من مساء أمس الأحد، “التمسك بخروج كافة الاحتلالات والقوات الأجنبية من البلاد، والتمسك بأهداف الشعب السوري بإسقاط الدكتاتورية وتحقيق العدالة، ومحاسبة القتلة المجرمين، والعمل على إخراج المعتقلين والمغيبين قسرا في سجون النظام وسجون التنظيمات الأخرى”.
وحسب البيان الختامي للمؤتمر الذي اطلع عليه “العربي الجديد”، فإن أعضاء الهيئة العامة للمؤتمر قرروا التمسك بـ”السعي لاستعادة السيادة الوطنية والتمسك بوحدة وسلامة الأراضي السورية وحرية الشعب السوري بكافة مكوناته، وصياغة عقد وطني جامع معتمدين المحددات الأساسية لمفاوضات الحل السياسي بناء على ما نص عليه مؤتمر جنيف واحد لعام 2012، والقرارات الأممية ذات الصلة بما فيها القرار 2254، والتزام الأمانة العامة التي تم انتخابها بما تقدم من فقرات، مؤكدين أن هذه الوثيقة جزء لا يتجزأ من وثائق المؤتمر”.
ولفت البيان إلى أنه ومع “مرور ذكرى مجزرة الكيميائي التي ارتكبها النظام في غوطة دمشق لا يسعنا إلا أن ندين هذه المجزرة البشعة وغيرها من المجازر التي تعرض لها الشعب السوري على يد النظام المجرم، ونطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه ما يتعرض له الشعب السوري من خلال القصف الهمجي على مناطق الشمال السوري، وخاصة في جبل الزاوية، والحصار الجائر على أهلنا في محافظة درعا”.
وقد انتخب المؤتمرون الذين بلغ عددهم نحو 400 شخص، منهم نحو 80 شخصاً كانوا مجتمعين في مدينة جنيف السويسرية، أما البقية فكانوا يشاركون عبر تطبيق زوم الإلكتروني جراء الإجراءات المقيدة للسفر بسبب انتشار فيروس “كورونا”، 31 شخصاً من المشاركين ليمثلوا الأمانة العامة، هم اللواء محمد الحاج علي، أبجر مالول، عبد الباسط أحمد الخلف، هدى المصري، أحمد الجباوي، يونس كنهوش، إبراهيم مسلم، بهية مارديني، عبد الجليل يوسف، مرام داؤد، منيرفا الباروكي، نوري شيخموس، وليد تامر، رولا نصر الله، قاسم الخطيب، فاطمة شربا، قحطان الهواش، مروان خوري، صالح النبواني، محمد خير الوزير، سمير الهواش، محمد العبيد، مصطفى الفرحات، آصف دعبول، عامر قوتلي، ماجد حبو، نغم حوا، لمى اللبواني، ممدوح القدسي، رواد بلان، إيمان كمال الدين.
خريطة عمل للمرحلة المقبلة
وحول خطوات العمل ما بعد انتهاء أعمال المؤتمر، عقب اللواء محمد حاج علي، قائلا لـ”العربي الجديد”، إن “الأمانة العامة المنتخبة ستجتمع في وقت لاحق من الأسبوع الجاري، للعمل على وضع خريطة عمل للمرحلة المقبلة”، لافتا إلى أن “الأمانة العامة ستكون ملتزمة في عملها بالسعي لتطبيق ما أقره المؤتمر من أوراق تضمنت العديد من العناوين”.
وتضمّنت وثائق المؤتمر التي زادت عن 100 ورقة، والتي اطلع عليها “العربي الجديد”، العديد من القضايا، منها وثيقة حملت عنوان “خريطة الطريق المقترحة من أجل سورية ديمقراطية ودولة مدنية”. وأكدت أن الهدف السياسي للعملية التفاوضية المباشرة هو “الانتقال إلى نظام ديمقراطي برلماني تعددي تداولي، يرسم معالمه ميثاق وطني مؤسس، يرتكز على مبدأ المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات لجميع السوريين، بغض النظر عن الجنس، أو القومية أو المعتقد أو المذهب”.
وأضافت الورقة أن “دولة قانون ومؤسسات لكل أبناء ومكونات الوطن، وهي صاحبة الحق الشرعي الوحيد في حمل السلاح، مهمتها بسط سيادة الدولة على كافة أراضيها، والدفاع عنها وعن مواطنيها، وتقديم الخدمات لهم، وترسيخ فصل السلطات وتنظيم الحقوق والواجبات، واحترام الدستور والقوانين وتجريم الطائفية السياسية ومحاربة الإرهاب بكافة مصادره وأشكاله”.
وحدّدت ورقة أخرى “مبادئ أساسية لميثاق وطني جامع”، أكدت على مبادئ المواطنة المتساوية وعدم التمييز وحرية المعتقد وممارسة العقائد، والتأكيد على حقوق الإنسان والالتزام بالمواثيق والعهود الدولية المتعلقة بها. واعتبرت الوثائق أن “الحريات الفردية والعامة تشكل حقاً مشروعاً غير قابل للتصرف، وأن الشعب هو مصدر الشرعية والعدل، وأن مهمة الجيش السوري حماية البلاد وصون استقلالها ولا يتدخل في الأنشطة السياسية، واعتماد مبدأ اللامركزية الإدارية”.
“بناء الجيش الوطني السوري والأجهزة الأمنية”
كذلك أفردت الأوراق باباً خاصاً تحت عنوان “بناء الجيش الوطني السوري والأجهزة الأمنية”، قدمها اللواء المنشق الدكتور محمد الحاج علي، بيّنت أهم التحديات التي تواجه مهمة إصلاح الجيش والأجهزة الأمنية، خصوصاً المعارضة الشديدة من قِبل الأجهزة الأمنية ذاتها ومراكز القوى في الجيش، وصعوبة إزالة الأسس الطائفية والإثنية أو الحزبية السائدة. واعتبرت أن عملية الإصلاح تستند إلى أساسين، هما “الوطنية والكفاءة، إضافة إلى عدم وجود الكوادر الوطنية المتجذرة وبشكل خاص القضائية والعسكرية، وتناقض الرؤى الأمنية بين طرفي الصراع ومصادرة القرار الوطني من قبلهما كنظام ومعارضة”.
وطرحت الأوراق إصلاح الجيش والقوات المسلحة، استناداً إلى القرار الأممي 2254، إضافة إلى مقترح تشكيل مجلس عسكري انتقالي يتألف من الضباط المنشقين والموالين، ممن لم يرتكبوا جرائم بحق الشعب السوري، يتولى قيادة الجيش والإشراف على الأجهزة الأمنية خلال الفترة الانتقالية. ومن بين الخطوات الواجب اتخاذها لنجاح عملية الإصلاح وإعادة البناء، “إعادة التوازن الديمغرافي للجيش، وإحالة جميع مرتكبي الجرائم إلى محاكم عسكرية مختصة، وتطهير الجيش منهم”. وحول إصلاح الأجهزة الأمنية، شدّدت الورقة على ضرورة وضع أسس عامة لعملها وإعادة تأهيل عناصرها، وتحديد الهيكلية وتصحيح الخلل الديمغرافي، وتطهيرها من مرتكبي الجرائم وتأمين محاكمة عادلة لهم.
كما تضمنت الأوراق ورقة خاصة بالعدالة الانتقالية وبناء السلطة القضائية المستقلة في سورية، قدّمها السياسي السوري المعارض هيثم مناع، واقترحت تشكيل “الهيئة العليا للحقيقة والإنصاف والمصالحة”، بما يفضي إلى بناء استراتيجية شاملة للعدالة الانتقالية في سورية. وتضمنت محاور رئيسية للعمل، عبر لجان “التحقيق الوطنية المستقلة، وجبر الضرر والتعويضات والمحاكمات، ولجان المصالحة والسلم الأهلي، ومجموعات الدعم النفسي ومكتب إعلامي وبرنامج لتدريب الكوادر الوطنية ومكتب لتخليد الذكرى، ولجان للتعاون والتنسيق، إضافة إلى رؤية لبناء القضاء المستقل”.
كما تضمن جدول الأعمال مناقشة رؤية خاصة بإعادة الإعمار في سورية كقضية سياسية واقتصادية، إضافة إلى وثائق المبادرة الوطنية السورية من أجل مؤتمر وطني سوري، التي تم إعلانها في الثالث من مارس/ آذار 2019، و”ميثاق الوطن والمواطن”، الذي يضم جملة من القواعد التأسيسية لدولة دستورية ذات سيادة، إضافة إلى ورقة خاصة بالتربية والتعليم، قدمها الباحث سليمان الكفيري، وإحاطة بوضع المرأة السورية، مقدمة من مجموعة ناشطات منهم هدى المصري.
يشار إلى أن المؤتمر بدأ أعماله صباح يوم السبت الفائت، استنادا إلى دعوة من قبل اللجنة التحضيرية التي عملت على إعداد المؤتمر منذ أكثر من عامين، في حين تحمل المشاركون الكلفة المالية من حيث السفر والإقامة والطعام، فيما تكفل عدد من المشاركين بكلفة حجز مقر اجتماعات المؤتمر.
العربي الجديد