انطلق الاجتماع المشترك الذي ترعاه روسيا إلى جانب النظام السوري، اليوم الإثنين، في قصر المؤتمرات ضمن العاصمة السورية دمشق، لمتابعة أعمال المؤتمر الدولي حول “عودة اللاجئين واستعادة الحياة السلمية”. وفق ما أشارت إليه وزارة الدفاع الروسية.
وبحسب بيان وزارة الدفاع الروسية، السبت الفائت، حول دعوة المؤتمر، فإن الوفد الروسي الذي سوف يشارك في المؤتمر مكون من ممثلين عن 30 هيئة ومنظمة تنفيذية فيدرالية وخمس مناطق في روسيا ووزارة الدفاع الروسية، يرأسه رئيس مقر التنسيق بين الإدارات في روسيا بشأن “عودة اللاجئين إلى سورية”، رئيس مركز إدارة الدفاع الوطني التابع لوزارة الدفاع الروسية، ميخائيل ميزينتسيف، بالإضافة لممثلين عن النظام السوري والمنظمات السورية العاملة ضمن مناطقه ومنسقي الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر في سورية.
وسوف يناقش الاجتماع على مدار ثلاثة أيام الإجراءات التي يقوم بها النظام السوري “لتهيئة الظروف لعودة اللاجئين السوريين، وتوفير ظروف معيشة وبيئة مريحة بالتنسيق والتعاون مع روسيا”.
إلى ذلك، أكد فريق “منسقو استجابة سورية” في بيانٍ له، اليوم الإثنين، أن التسوية التي يدعو إليها المؤتمر ومن خلفه روسيا والنظام السوري، لا يمكن تحقيقها بوجود القوات الروسية في سورية وبوجود قيادة النظام السوري الحالية. وقال الفريق: “إن الادعاء بأن الهدف الأساسي للمؤتمر هو إعادة النازحين واللاجئين السوريين إلى سورية، هو محاولة لتعويم النظام السوري دولياً، وهو أمر لا يمكن تحقيقه بأي شكل من الأشكال في الوقت الحالي”.
وأشار الفريق إلى أن “إظهار روسيا من خلال الدعوة للمؤتمر المزعوم بمظهر الضامن لحفظ عمليات السلام في المنطقة، والضامن لتقديم المساعدات الإنسانية عن طريقها أو عن طريق النظام السوري، فاشل حكماً ولن يعطي النتيجة التي تبتغيها روسيا”، لافتاً إلى أنه “في الوقت الذي تدعو روسيا فيه إلى بذل المزيد من الجهود للحفاظ على عمليات السلام المزعومة في سورية، ما زالت الطائرات الحربية الروسية تشن غاراتها الجوية على محافظة إدلب مستهدفة العديد من المناطق، إضافة إلى التسهيلات العسكرية المستمرة لقوات النظام السوري لخرق كافة الاتفاقات، وخاصةً اتفاق وقف إطلاق النار في شمال غربي سورية في الخامس من مارس/ آذار العام الماضي”.
ونفى الفريق “بشكل قاطع الأرقام المصرح عنها بخصوص أعداد العائدين إلى سورية من النازحين واللاجئين حسب التصريحات الروسية”، مؤكداً أن “ما تقوم به روسيا هو محاولة جديدة لكسب الوقت وتأييد المجتمع الدولي لتلك العودة والحث على استمرارها، وهي محكومة بالفشل مسبقاً”.
ونوه الفريق إلى أنه “لا يوجد حتى الآن أي رغبة لأي نازح أو لاجئ للعودة إلى مناطق سيطرة النظام السوري، بسبب انعدام أبسط مقومات الحياة الكريمة، واستمرار الانهيار الاقتصادي وتواصل عمليات الخطف والاعتقالات والتغييب القسري، مما يجعل تلك المناطق غير آمنة للعودة”.
وكان النظام السوري قد دعا، في نوفمبر/ تشرين الثاني، العام الفائت، كلا من وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ووزراء خارجية عدة دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، للمشاركة في مؤتمر “عودة اللاجئين السوريين” الذي أُقيم في قاعة المؤتمرات ضمن العاصمة السورية دمشق. حينها أعلن بوريل في بيانٍ للاتحاد الأوروبي أن الاتحاد لن يشارك في المؤتمر لأن “شروط مشاركته لم تتوافر”.
وتعليقاً على المؤتمر، قال الدكتور يحيى العريضي، المتحدث باسم “هيئة التفاوض السورية”، في حديث لـ “العربي الجديد”، إن “الإنسان السوري من أكثر الناس التصاقاً بوطنه، وما خرج السوري من هذا الوطن الذي ليس له غيره، إلا بعد أن استحال البقاء فيه؛ فالمصير أضحى القتل أو الاعتقال أو الذل”.
وأوضح المتحدث باسم “هيئة التفاوض” أن “موسكو فعلت الشيء ذاته من عام وفشلت فشلاً ذريعاً، لأن الهدف لم يكن إنسانياً، وليس موقفاً أخلاقياً صادقاً، بل لهدف خبيث لا إنساني ولا أخلاقي، وجوهره استخدام هؤلاء الناس لمصالح وأغراض مريضة؛ فالنظام ارتكب الجريمة ويريد أن يقدم نفسه وكأن شيء لم يكن”.
وأشار العريضي إلى أن روسيا غير صادقة في مساعيها، “فمن يريد للسوري أن يعود إلى بلده بعد أن كان قد اقتلعه، ما كان ليفعل ذلك بالمقام الأول بطائراته وصواريخه وتدميره لكل شيء، وثانياً إلى أين سيعود هؤلاء وكيف..؟ إلى الدمار، أو الفقر، أو الخوف والرعب، أم إلى الاعتقال من جديد؟ فأين البيئة الآمنة لعودتهم، وكلما عاد أحدهم بدافع الحنين أو الاضطرار قُتل أو اعتقل؟”.
ولفت العريضي إلى أن “الهدف الأبعد من كل ذلك، سواءً لروسيا أو النظام، يتوزع على صعيدين: الصعيد السياسي عبر الإيحاء بأن القضية انتهت ولا قرارات دولية ولا مفاوضات، والصعيد الاقتصادي عبر إعادة إعمار ونهب تحقيق مصالح، بالإضافة لرفع عقوبات، وإعادة تكرير النظام”. ويعتقد العريضي أنه “كما فشل المؤتمر السابق لهذا الغرض سيكون مصير هذا الفشل أيضاً، لأن روسيا لن تتوقف عن بهلوانياتها وخداعها للسوريين وللعالم أجمع، فمخرجها تطبيق القرار الدولي (2254) وإزاحة هذه المنظومة الإجرامية، وانتقال سياسي، وعندها السوري يعود للمكان الذي ليس له غيره ويعيد إعمار بلده”.
العربي الجديد