رضوان زيادة
لا أدري إذا استخدم بشار السد خلال حملته الانتخابية “الخفية” التي لم يسمع عنها أحد سوى شعاره السخيف “الأمل بالعمل” حيث لا علاقة له بالوضع الحالي في سوريا سوى من زاوية انعدام الأمل وشيوع اليأس بين السوريين في مناطق النظام التي يحكمها الأسد.
إذ غالبا ما تكون الحملات الانتخابية بناء على قصص النجاح التي حققها المسؤول كي يبقى في المنصب ذاته، وكي يبرهن قصصه تلك عليه أن يعززها ببعض الأرقام التي يمكن أن نذكر بعضها هنا كي نذكر الأسد بإنجازاته العظيمة خلال عشرين عاما من حكمه.
تم تهجير ونزوح أكثر من 11 مليون شخص رسميًا بما في ذلك 6.6 ملايين نازح داخليًا و5.6 ملايين لاجئ. يمثل هذا المجموع الكلي نصف سكان سوريا عام 2010 فيما قد يكون أكبر أزمة نزوح منذ الحرب العالمية الثانية. وقد استقبلت الدول المجاورة مثل لبنان وتركيا والأردن غالبية اللاجئين. بحلول عام 2016، كان ربع سكان لبنان البالغ عددهم 5 ملايين من اللاجئين السوريين.
ويقدر معهد الاقتصاد والسلام (IEP) أنه كان هناك ما قيمته 117.7 مليار دولار من الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية نتيجة الصراع السوري. هذا الرقم يصل إلى ضعف الناتج المحلي الإجمالي لسوريا قبل الصراع. تم تدمير نحو 17.5٪ من مساكن الدولة وأثرت الأضرار الواسعة النطاق التي لحقت بالبنية التحتية الصحية والتعليمية على العديد من مناطق البلاد.
كما بلغت خسائر سوريا المتراكمة من الصراع 324.5 مليار دولار أميركي، عندما أجرى IEP تحليل سيناريو قارن بين الناتج المحلي الإجمالي الذي كانت سوريا ستحققه في غياب الحرب. يقف الناتج المحلي الإجمالي في سوريا عند 19.5 مليار دولار أميركي – أقل من 50٪ من مستواه في عام 2010. تشير التوقعات التي قدمها البنك الدولي إلى أن الأمر قد يستغرق عشر سنوات أخرى على الأقل قبل أن يصل الناتج المحلي الإجمالي لسوريا إلى مستويات ما قبل الصراع.
وتمثل الكلفة الاقتصادية للعنف 59٪ من الناتج المحلي الإجمالي لسوريا. هذا الرقم هو أكثر من أي دولة أخرى في العالم، حيث تحتل أفغانستان المرتبة الثانية بنسبة 50٪ من إجمالي الناتج المحلي.
ما يقرب من 60٪ من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وفقًا لبرنامج الغذاء العالمي. أدى التضخم الحاد في الليرة السورية إلى ارتفاع أسعار الضروريات الأساسية. يواجه أكثر من 12.5 مليون سوري انعدام الأمن الغذائي ويعتمد أكثر من نصف السكان على المساعدات الإنسانية.
تم تصنيف سوريا حاليًا في المرتبة 162 من أصل 163 دولة على مؤشر السلام العالمي لعام 2020. منذ عام 2019، لم تعد الدولة تعتبر الأقل سلمًا في العالم، مع اتخاذ أفغانستان هذا الموقف. ومع ذلك، لا تزال سوريا تحتل المرتبة الأسوأ في العالم في المجال القياسي للصراع المستمر والكلفة الاقتصادية للعنف.
بشكل مأساوي، من الصعب تحديد عدد القتلى بسبب الصراع السوري. هناك تقديرات واسعة النطاق بأن ما بين 600،000 وأكثر من 800000 شخص لقوا حتفهم نتيجة للصراع المستمر. بعد عقد من الزمان، أخذ عدد القتلى السنوي ينخفض باستمرار ووصل إلى أدنى مستوى له منذ عام 2012.
في تقرير لصندوق النقد الدولي الذي يصدر بشكل دوري ويضع فيه تصنيفاً للدول حسب وضعها وإمكانياتها الاقتصادية ووفق ترتيبات مختلفة منها الناتج الإجمالي العام ومعدل دخل الفرد الوسطي وفق الناتج الإجمالي العام، وترتيب الدول وفق القوة الشرائية للفرد وترتيب الدول وفق تقرير التنمية الإنسانية.
ما يبعث على الصدمة هو الترتيب الذي حصلت عليه سوريا وفقا لكل هذه التقارير، فليست سوريا في وضع متأخر كما هي عادتها على مدى السنوات الأربعين الماضية خلال حكم الأسد، فهي تصنف وفق الدول الدنيا من ذوي الدخل المتوسط، لكنها اليوم تعتبر من أفقر الدول وفق هذه المؤشرات الدولية فمعدل دخل الفرد الوسطي فيها لا يتجاوز سنويا 479 دولار وهو ما يعتبر الأدنى في العالم.
وقبل أشهر أصدر البنك الدولي تقريره الموسع عن كلفة الحرب في سوريا وقد عمل على قياس تأثير الحرب على سوريا على المستوى الاقتصادي وما هو تأثير استمرار الصراع في سوريا على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية في الحياة اليومية للسوريين. وما هو تقييمه لخطط إعادة الإعمار في حال التوصل لحل ينهي الصراع في سوريا اليوم.
لقد أجرى البنك الدولي تقديرا مبدئيا للأضرار والاحتياجات في سوريا في ست مدن سورية- حلب ودرعا وحماة وحمص وإدلب واللاذقية، وتضمن سبعة قطاعات: الإسكان والصحة والتعليم والطاقة والمياه والصرف الصحي والنقل والزراعة. وخلص التقرير إلى أن إجمالي الأضرار التي حاقت بست مدن سورية بما يتراوح بين 3.6 مليارات إلى 4.5 مليارات دولار. ونال قطاع الإسكان نحو 65 % من إجمالي هذه الأضرار.
وكانت حلب هي المدينة الأكثر تضررا بين هذه المدن الست في سوريا إذ نالها 40 % من الدمار. أما اللاذقية فهي الأقل تضررا من بين المدن التي شملها المسح، بيد أن بنيتها التحتية وخدماتها تردت تحت وطأة الضغوط التي يشكلها النازحون.
وقدر تقرير البنك الدولي إجمالي كلفة الأضرار التي أصابت البنية التحتية لقطاع الصحة في المدن الست بما يتراوح بين 203 ملايين إلى 248 مليون دولار بنهاية عام 2014. ومنذ ذلك الحين، تفاقم الوضع.
أما حجم الدمار الذي أصاب المدارس السورية الابتدائية والثانوية في أنحاء سوريا فقد أشار تقرير للأمم المتحدة إلى أن 18 % من المدارس السورية قد باتت غير صالحة للعمل وتحولت إلى ملاجئ للمشردين داخليا.
هذه الأرقام تشكل حقيقة سوريا اليوم وتكشف كيف يعيش السوريون حياتهم اليومية، كيف يكسبون قوتهم وكيف ينتجون ويسعون لتحقيق حلم أطفالهم وحلمهم، وكيف أن مستقبلهم أصبح في مهب الريح فسوريا التي مرتبتها اليوم 188 وهي الموقع الأخير في تقرير التنمية الإنسانية العالمي يعني أن تقدمها كل درجة إذا ما بقي نظام الأسد هو درجة الصفر بعينها، فالأسد استخدم كل أموال سوريا ومخزونها الاحتياطي في تمويل حربه ضد السوريين وقتلهم، ولذلك فلن يعنيه أن يصرف أي موارد التي لم يعد يملكها لتنمية سوريا وتحسين حاجات السوريين، لقد تركهم للفقر والبؤس، بعد أن قتلهم وعذبهم وشردهم، مستقبل سوريا إذا ما بقي نظام الأسد هو دولة فاشلة بالمطلق لن يكون لها القدر على إطعام مواطنيها ولن يكون لها القدرة على حمايتهم، ولن يكون لها القدرة على تأمين مستقبل أطفالهم.