عشر سنوات مضتْ على ثورتنا العظيمة منذ انطلاقاتها منتصف آذار من عام 2011 .. عشر سنوات وما زِلنا نعيشُها بأملها وألمها ..
عشر سنوات مضتْ وما زِلنا نطالب بالحرية والكرامة والعدالة لكل أبناء سورية ..
عشر سنوات مضت على الثورة التي بدأت سِلمية فجوبهتْ بالرصاص منذ يومها الأول.. وبدا أن قرار هذا النظامِ المجرم كان: إما أن أحكمَكم أو أقتلَكم، إما أن تعيشوا أذِلّةً في بيوتكم وتحت حُكمي أو أن تُلاقوا الأَهوال من نزوح ولجوء وتشريد وموت واعتقال، وكان خِيار الأحرار منذ البداية (الموت ولا المذلة).. لقد واجه هذا النظام السوريين بجميع أصناف الأسلحة المحرمة دولياً، والصواريخِ البالستية والسلاحِ الكيماوي واستعان بالعصابات والميليشيات الطائفية من إيرانْ ولبنانْ والعراقْ، ولم ينجح في وأدِ الثورة، وراح يُغذّي الإرهاب ويصنعه سعياً لتشويه الثورة وإلصاق الإرهابَ بها، مع أن أبناء الثورة هم أولُ من حارب داعش والإرهاب والتطرف، وهم الذين طالما أعلنوها: نريد الحريةَ والعدالة لكل السوريين.
وبعد أن عجَزوا جميعاً عن القضاء على الثورة كان التدخلُ الروسي ليزيد الدمار والقتل والتشريد بعد أن وقف في كل المحافلِ الدوليةِ يدافع عن إجرامِ النظامِ وهمجيته، واستخدم الفيتو ضد كل القرارات الأممية، حتى ذات الطابع الإنساني منها.
واليوم وبعد كلِ ما لاقيناه، بعد قرابة النصف مليون شهيد، و200 ألف معتقل ومختف قسريا، ودمار طال قراب 60% من البنية التحتية لسوريا.
استطاع شعبُنا ورغم كل هذا الاضطهاد أن يستمر في نضاله ويقدمَ نماذجَ مضيئة أبهرت العالم في سوريا وفي كل بقاع الأرض.
أمام هذا كلِه وقف أصدقاء سورية الحقيقيون مع مطالبِ شعبها الحر .. ورأوا ما يتعرضُ له شعبنا من مآس وظُلم .. فقدموا ما استطاعوا من دعم سياسي وإنساني .. ولن ننسى لهم هذا ..
ولايسعني هنا إلا أن أقدم الشكر لكل من ساند الشعبً السوري في محنته، ودعم مطالبًهُ، وأخص بالذكر دولة قطر أميراً وحكومة وشعباً على مواقفها الثابتةِ والراسخة تجِاه الشعب السوري، وقضيته المحقة.
حيث قدمت دعماً لامحدوداً في الملف الإنساني تجاوز ملياري دولار، واستفاد منها قرابة 22 مليون نازح ولاجئ داخل وخارج سوريا، وساهمت في دعم قطاعات التعليم والإيواء والدعم الاجتماعي والتنمية وسبل العيش، وغيرها من القطاعات الإغاثية والإنسانية الهامة
وحملاتها المستمرة حتى يومنا هذا، وكان آخرها حملة “دفء وسلام، و”حق الشام”، وبالطبع لن ننسى الموقف النبيل بإلغاء احتفالات اليوم الوطني لدولة قطر عام 2016 نصرة لمدينة حلب من خلال حملة “حلب لبيه”، وغيرها الكثير من المواقف النبيلة
واعترافها الكامل بالسفارة السورية ممثلاً شرعياً للسوريين، ومنحتها الأميرية الكريمة الممثلة بالمدرسة السورية والتي تضم قرابة 1100 طالب وطالبة
حقوقيا، كانت قطر صوت الشعب السوري في مجلس الأمن وفي المحافل الدولية الإقليمية من خلال تأكيدها على ضرورة تطبيق قرارات مجلس الأمن المتعلقة بسوريا، ومحاسبة مرتكبي الجرائم.
إننا هنا في مؤسسة السفارة السورية نسعى بكل جهدنا لخدمة كل السوريين من الزائرين والمقيمين في دولة قطر، وتقديم نموذج حضاري عن المؤسسات السورية الحرة يعبر عن ضمير كل مواطن سوري حر
مازالت الصعاب تواجه ثورتنا، لكن الشعب السوري عرف طريقه وسيسقط نظام الأسد الذي كان السبب الرئيسي في دمار سوريا، وسنضع أسس دولة المواطنة التي تحترم حقوق مواطنيها، وتوفر لهم الكرامة والعدالة والعيش الكريم.
نطالب أحرار العالم بالانضمام إلى السوريين في دعم قضيتهم ونضالهم من أجل الحرية والعدالة والكرامة، وأن يثقوا بقدرة السوريين على إكمال ثورتهم التي أذهل شبابها العالم بشجاعته، وعلى العالم أن يدرك بأن واجبنا تجاه من ضحى بحياته من أجل سورية يتمثل في بناء الدولة التي حلم بها هؤلاء الأبطال بعد الخلاص من نظام الأسد.
إننا نحتفل اليوم بالذكرى العاشرة للثورة وكلنا أمل أن يكون هذا آخر عهد لنا باللجوء والنزوح والاعتقال والتهجير والملاحقة والتعذيب، وأن يطل علينا عيد الثورة القادم وقد تحققت أهدافنا في الحرية والعدالة والكرامة، وتمكنا من إنجاز الانتقال السياسي، وأزلنا هذا النظام وطردنا قوى الاحتلال والتدخل التي دعمته، وأن نكون جميعاً، في ساحات سورية نهتف للحرية.
الرحمة لشهدائنا.. والشفاء لجرحانا.. والحرية لمعتقلينا
المكتب الإعلامي للسفارة السورية – الدوحة