كيف جنّد حزب الله اللبناني مئات العملاء في جنوب سوريا؟

لم يكتفِ حزب الله في سوريا بالمشاركة في العمليات العسكرية، بل جعل من الحدود السورية اللبنانية أرضاً لزراعة الحيشيش والمخدرات بعد أن سيطر على عدد من المدن والبلدات الواقعة على الحدود مع لبنان، ووضع معوقات تمنع من عودة المدنيين إلى منازلهم كي يبسط سيطرته على المنطقة، ولم يتوقف الأمر هنا، فباتت الأراضي السورية منطلقاً لتهديداته لإسرائيل ورفع شعارات المقاومة والممانعة من جنوب سوريا.

تطبيق تجارب حزب الله في لبنان داخل سوريا

مشروع الكشافة هو أحد أهم مشاريع حزب الله في لبنان، إذ بدأ المشروع بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من ما يعرف ” بالمنطقة الأمنية ” في لبنان عام 1985، حيث شكل المشروع لحزب الله خزاناً بشرياً أساسياً يشارك في عملياته العسكرية بعد الخضوع لدورات قتالية ودينية.

والتجربة السورية من دورات الكشافة هي مشروع مستنسخ من تجربة مشروع كشافة المهدي في لبنان، حيث يستقطب الحزب آلاف الشباب والأطفال ليؤهلم لخوض معارك عسكرية وتدريبات استخباراتية، حيث الكثير من مقاتلي حزب الله الآن هم من خريجي دورات الكشافة.

دورات الكشافة في جنوب سوريا

مع بداية شهر نيسان من عام 2019، بدأ حزب الله بمشروع دورات الكشافة في جنوب سوريا، سعياً منه لتشكيل فرق استطلاع لجمع المعلومات ورصد الحدود مع الجولان المحتل، إضافة لتحصيل أكبر عدد من البيانات المتعلقة بالمعارضة وعملاء الدول الأجنبية في جنوب سوريا وفي محافظة القنيطرة وريف درعا الغربي تحديداً، نظراً لأهمية المنطقة استراتيجياً كونا محاذية للحدود مع الجولان المحتل، فتم تخريج 240 شخص إلى الآن، ويضم مشروع الكشافة عدد من المتطوعين في صفوف حزب الله من عناصر التسويات والمدنيين من سكان القرى والبلدات المستهدفة في المشروع، ويترأس المشروع عدد من القيادات في حزب الله يعرف منهم شخصين من عائلتي مغنية ونعيم.

وتمكنت نبأ عبر مصادرها الخاصة من الوصول إلى اسم المسؤول اللوجيستي لدورات الكشافة في جنوب سوريا، وهو محمد الحسين، سوري الجنسية من بلدة الهبارية في ريف القنيطرة.

التجنيد والتدريب

يخضع العناصر المنضمين لمعسكرات الكشافة إلى دورات التعايش مع المجتمع، والتي تتيح للعنصر إمكانية الاندماج بالبيئة المحيطة به، بما يمكنه من تحصيل المعلومات المكلف بجمعها ورصد المنطقة المتواجد بها، حيث يتم تأهيل المتدرب حسب طبيعة المنطقة المستهدفة ليتعايش العنصر مع أجواء الأماكن ويندمج مع سكانها، ومن بعض الأمثلة التي يطبقها عناصر الكشافة للاندماج داخل القرى والبلدات، (راعي أغنام – تاجر – مزارع – بائع متجول..)، كما يتم تدريب العناصر على نظم الطبوغرافيا العسكرية لتمكينهم من تحديد الإحداثيات والمسافات والمواقع.

وأكد مصدر خاص لمؤسسة نبأ أن حزب الله يقوم على تدريب دورات الكشافة بإشراف اختصاصيين من الحزب وفيلق القدس، حيث تم تدريب أول مجموعة للكشافة في منطقة ” الدويا ” في القنيطرة بحكم تواجد لواء القدس سابقاً في المنطقة.

وأضاف المصدر أن من أهم المناطق التي تجري بها معسكرات التدريب، ” سرية المقيرع ” تتبع لحزب الله واستخدمها سابقاً كمركز لخلاياه، حيث تم اعتقال إحدى خلايا حزب الله من قبل قوات المعارضة قبل نحو عامين، ليظهروا في تسجيل مصوّر يعترفوا به على نية حزب الله بقصف الجولان وتوجيه ضربات لاسرائيل من الريف الغربي لدرعا والقنيطرة.

التسجيل المصور الذي يظهر به اعترافات عناصر تابعين لحزب الله عن نيّة الحزب توجيه ضربات لإسرائيل من جنوب سوريا

ويعتمد حزب الله على عدة مناطق لإجراء دورات الكشافة في القنيطرة وريف درعا الغربي، فلا يقتصر الأمر على منطقة الدويا، ومن أهمها، ” تل مرعي ” حيث تم تخريج دورة الكشافة التي جرب في المنطقة في بداية الشهر السادس من عام 2020، إضافة إلى الدورة الأخيرة التي تم تخريجها في منطقة حوض اليرموك وبالقرب من بلدة تسيل تحديداً.

موقع تل مرعي

يتّبع حزب الله آلية تدريب مجموعات صغيرة في الدورة الواحدة، حيث تتراوح الأعداد المشاركة في التدريب من 10 إلى 15 عنصر لكل دورة، تمتد الدورة الواحدة إلى 45 يوماً تشمل التدريبات العسكرية والنظرية، بعد أن كانت مدة الدورة سابقاً 15 يوم فقط، ليتم تكيلف العناصر بعد التخريج بعدد من المهام تحت مسمّى ” مهام دورات التكليف ” ومدة تنفيذها 45 يوماً، يتم بعدها تقديم تقرير يقيّم عمل العنصر في أدار المهام الموكلة إليه، وعلى أساسها يتم اختيارالنخبة وترشيحهم لدورات من مستوى متقدم ليشكلوا بعدها مجموعات ويعينو قادة لها حسب كفاءتهم.

يتمثل دور قائد المجموعة في نقل التعليمات من القيادة إلى العناصر وتوجيهها على الأرض نحو الأهداف المحددة، كما يقوم قائد المجموعة بإرسال التقارير الدورية الى المسؤول عن الدورات من حزب الله لباني الجنسية ” من بيت مغنيّة ” والذي يقيم في منطقة بلودان المحاذية للحدود السورية اللبنانية.

وحصلت نبأ من مصادر خاصة عن الدعم المالي الكبير الخاص للمشروع، وتعد المغريات المالية من أهم الأسباب التي تدفع الشباب للالتحاق بمعسكرات الكشافة، حيث يتقاضى قائد المجموعة 300 دولار أمريكي في الشهر الواحد، و200 دولار أمريكي للعنصر.

ومن خلال البحث والتقصّي حول مشروع الكشافة، حصل فريقنا على معلومات تفيد بتدريب 3 نساء بشكل مستقل يتمتعن بخصوصية وسرية عالية ومنعزلات عن باقي المجموعات، يتركز عملهن في القنيطرة جنوب سوريا، سيتم كشف أعمالهن ضمن سلسلة التقارير التي تنتجها مؤسسة نبأ والتي تكشف مشاريع إيران وحزب الله في جنوب سوريا.

الضغوط الدولية وتأثيرها على مشاريع إيران وحزب الله

تعرَض حزب الله والميليشيات الإيرانية لسلسة من العقوبات والضغوط الدولية على مدارالأعوام الثمانية الماضية، إضافة إلى استهداف مواقعهم ومستودعات الأسلحة التابعة لهم في مناطق متفرقة من سوريا من قبل الطيران الإسرائيلي.

وفي متابعة لمشروع الكشافة في جنوب سوريا تبين أن حزب الله في بعض الفترات غير استراتيجية دورات الكشافة بحيث يتم تجنيد العناصر المعنية ضمن صفوف الجيش العربي السوري ويتم تدريبهم ضمن القطع العسكرية التابعة للجيش، إضافة إلى تغيير مصطلح الكشافة إلى كتيبة الاستطلاع كما هو معروف في الجيش السوري، وتتبع كتيبة الاستطلاع إدارياً إلى قيادة اللواء 61 في تل الجابية والذي يتبع للفرقة الخامسة، حيث يتم انتقاء العناصر المنضوية ضمن تدريبات الكشافة وعزلهم عن بقية عناصر اللواء، ليخضعوا لتدريبات على انفراد عن بقية العناصر في القطعة العسكرية.

كما تم استخدام عدد من المواقع العسكرية التابعة للجيش السوري لتدريب عناصر الكشافة في تلك الفترات، وتوزعت على المناطق التالية:

مشاريع إيران وحزب الله في جنوب سوريا

يعتبر حزب الله اللبناني أحد أهم الداعمين لنظام بشار الأسد في سوريا، فمنذ إعلان الحزب تدخله في سوريا رسمياً في نيسان 2013، حين شارك كقوة رديفة لجيش النظام في معركة القصير في محافظة حمص، وهو يزجّ بقواته إلى داخل الأراضي السورية بدعمٍ مباشر من إيران.

وشكلت سيطرة النظام السوري وحلفاءه إيران وحزب الله على الجنوب السوري في شهر آب/ 2018، فرصة لا تعوّض لإشاء مشاريع استثمارية وزراعية وأخرى عسكرية في محافظتي درعا والقنيطرة وإعادة الإنتشار على الحدود مع الجولان المحتل، فمع بسط النفوذ على المنطقة الجنوبية بدأت الميليشيات على الأرض تستولي على أراضٍ زراعية وقطع عسكرية ذات موقع استراتيجي مهم بالنسبة لطهران وحزب الله، حيث كانت البداية من بلدة كودنة المحاذية للشريط الحدودي مع الجولان المحتل وكشفت نبأ في تقرير سابق نشرته عن مشروع سد كودنا والذي تمثّل بتحويل بحيرة السد إلى مزرعة أسماك، وتحويل الأراضي المحيطة إلى مزارع للمواشي تحيط بها مقرات وحواجز لحزب الله وميليشيات طهران بهدف حماية مشاريعها في المنطقة.

شبكة شام الإخبارية