عنب بلدي – درعا
لا يتوقع المزارع أحمد الحسين، الذي يدير مشروعًا زراعيًا للرمّان والعنب في درعا، تحقيق أرباح من مشروعه في العام الحالي، بسبب غلاء أسعار الأدوية والبذور والمستلزمات الزراعية.
ويترافق ارتفاع أسعار الأدوية في درعا مع مع تراجع قيمة الليرة السورية أمام الدولار، وهو ما سبّب فوارق كبيرة بين تكلفة الإنتاج وسعر المحصول الذي يخضع للعرض والطلب، ويباع بالليرة السورية.
أسعار الأدوية مرتبطة بتقلبات الدولار
شهدت الأشهر الماضية ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الأدوية الزراعية، وتزامن ذلك مع ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي.
وشهد سعر الصرف خلال حزيران الحالي تقلبات عديدة، وبلغ 3175 ليرة سورية للدولار الواحد، في 8 من الشهر نفسه، مسجلًا أعلى ارتفاع خلال الشهر، بحسب موقع “الليرة اليوم”.
وأثر ذلك بشكل مباشر على المزارعين في درعا، لأن شركات الأدوية تستورد الأدوية الزراعية، بحسب سعر الدولار التفضيلي المحدد من قبل مصرف سوريا المركزي، الذي ثُبّت على سعر 1250 ليرة سورية للدولار الواحد، بعد أن كان 700 ليرة سورية، ويشتري المزارعون الأدوية مسددين قيمتها بالليرة السورية، حسب سعر صرف الدولار في “السوق السوداء”.
القيود على المستوردين ترفع الأسعار
وزير الاقتصاد في “الحكومة السورية المؤقتة”، عبد الحكيم المصري، ربط لجوء مستوردي الأدوية إلى بيعها للمزارعين بسعر الصرف في “السوق السوداء” ورفع أسعارها، بالإجراءات والقيود المفروضة عليهم من قبل حكومة النظام.
ويلزم النظام المستوردين بأن تكون لديهم إيداعات في المصارف المعتمدة، بنسبة 40% من قيمة مشروع إجازة الاستيراد، مقسمة على 25% كوديعة من قيمة الإجازة، و 15% مؤونة بالليرة السورية ومن دون فوائد، بموجب القرار رقم “944” الصادر في 21 من تشرين الثاني عام 2019.
وفي حديث لعنب بلدي، قال المصري إن العوامل التي تدفع المستوردين للتحكم بالأسعار، تتمثل في تقلبات سعر الصرف وتخبط حكومة النظام في قراراتها، وتجميد 25%من قيمة المستوردات، ودفع العمولات البالغة 15%، وتخوف المستورد من انهيارات جديدة بسعر الصرف.
تكاليف الإنتاج تتزايد
مهندس زراعي (طلب عدم نشر اسمه) شرح لعنب بلدي تأثير ارتفاع سعر صرف الدولار على آلية الإنتاج، وقال إن أغلب الأدوية الفعالة مستوردة، وتواجه أسعارها فوارق سعرية كبيرة بعد انخفاض قيمة الليرة السورية، ما انعكس على تكاليف الإنتاج، وخاصة أن الخضار والفواكه تباع بالليرة السورية، وتخضع لقوانين العرض والطلب، وسعرها الحالي في الأسواق لا يتناسب مع تكلفة الإنتاج.
ويلجأ بعض المزارعين إلى رش المحصول بمادة الكبريت لتخفيف عدد مرات رش الدواء، ولكنها لا تغني عن استخدام الأدوية التي من الممكن أن تخفف من الأمراض الفطرية، بحسب المهندس.
وأضاف المهندس أن الخضراوات تحتاج إلى رش بشكل مكثف أكثر من الأشجار المثمرة التي هي أكثر مقاومة من الخضراوات، مشيرًا إلى أن بعض المحاصيل كالخيار والبندورة والبطيخ تحتاج إلى رش بشكل شبه أسبوعي.
خسارات متوقعة للمزارعين
ارتفاع أسعار الأدوية الزراعية يزيد من تكلفة الإنتاج، ويقلل من هامش الربح الذي يسعى المزارع لاكتسابه.
عنب بلدي استطلعت آراء عدد من المزارعين العاملين في درعا، واشتكى أغلبهم من ارتفاع أسعار الأدوية، متوقعين خسارات “كبيرة” إذا استمرت قيمة الليرة السورية بالانخفاض.
أحد المزارعين قال إن تكلفة “المرش” (خزان ماء معلّق بجرار آلي بسعة ألف لتر، تتصل به أنابيب الرش) الواحد بسعة ألف لتر، لرش الدواء على مساحة خمسة دونمات من محصول الرمّان، تبلغ 100 ألف ليرة سورية، ويحتاج المحصول للرش عشر مرات بشكل اعتيادي قياسًا بالأعوام السابقة، ما يعني أن كل خمسة دونمات تحتاج إلى تكلفة مليون ليرة ثمن أدوية فقط،
وتبلغ تكلفة “المرش” الواحد لرش محصول البندورة 300 ألف ليرة سورية ثمن دواء فقط، ما عدا أجرة “المرش” والعمال.
ورصدت عنب بلدي شكاوى مزارعين من فجوة بين أسعار سوق “الهال” والسعر الذي تباع فيه الخضار والفواكه في المحلات، خاصة أن تسعير الدواء والأسمدة “الذوابة” والبذور بالدولار، وبالمقابل يبيع المزارعون محاصيلهم من الخضار والفواكه بالليرة السورية، ولا يغطي ثمن المحصول المباع تكاليف الإنتاج المرتفعة.
وزير الاقتصاد في “الحكومة السورية المؤقتة”، عبد الحكيم المصري، توقع تقليص المزارعين المساحات المزروعة خلال المواسم المقبلة، لارتفاع تكاليف إنتاج المحاصيل وانخفاض أسعارها مع ارتفاع عرضها، ويرافق ذلك وجود 83% من السوريين تحت خط الفقر، وعزوفهم عن شراء الخضار والفواكه إذا ارتفع سعرها، ما يعني خسارة محققة للمزارع.
عنب بلدي