21 أكتوبر 2019
انسحاب “قسد” من رأس العين
ولم تكن البوادر مشجّعة لاستيلاد مرحلة جديدة بعد انقضاء مهلة الـ 120 ساعة الممنوحة للاتفاق الأميركي ـ التركي والتي تنتهي غداً الثلاثاء، على اعتبار أن الخروقات العسكرية استمرت في شرق الفرات، خصوصاً في المواقع المحيطة بالمنطقة الآمنة. غير أن الاختراق الإيجابي بدأ في ساعات ما بعد ظهر أمس، إذ تأكد أن “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) بدأت بالانسحاب من مدينة رأس العين بريف الحسكة، شمالي شرق سورية، وذلك عقب خلاف على إخراج السلاح الثقيل من المدينة، استمر أياماً. وبعدها بساعات تأكد خروج “قسد” بشكل كامل من المنطقة. وأعلنت وزارة الدفاع التركية أنها تتابع عن كثب انسحاب “قسد” من المنطقة الآمنة في غضون الـ120 ساعة، في إطار التفاهم بين تركيا والولايات المتحدة. وأشارت في بيان إلى أن “قافلة تضم نحو 55 عربة دخلت رأس العين، فيما غادرت قافلة من 86 عربة باتجاه تل تمر”، ووزعت الوزارة صوراً للعملية.
بدوره، قال مصدر من “الجيش الوطني السوري” لـ”العربي الجديد” إن عشرات الشاحنات العسكرية والمدنية خرجت من المدينة، بعد حصار دام أياماً عدة من الجيش التركي و”الجيش الوطني السوري”. وأوضح المصدر أن عناصر “قسد” يخرجون بسلاحهم الثقيل نحو ريف الحسكة، وجاء خروجهم بالتزامن مع دخول قافلة للهلال الأحمر الكردي، بهدف نقل القتلى والجرحى. وأضاف أن فصائل الجيش الوطني بدأت بالانتشار في المواقع التي غادرها عناصر “قسد”، مشيراً إلى أن عملية الانسحاب ما زالت مستمرة. ونوّه إلى أن “قسد” قامت بتدمير بعض التحصينات والأنفاق والعبوات الناسفة قبيل انسحابها، وقد سمعت انفجارات وشوهدت حرائق في الأحياء الجنوبية من المدينة.
ويأتي الانسحاب تنفيذاً للاتفاق الذي توصلت إليه كل من أميركا وتركيا وينص على انسحاب مقاتلي “قسد” من المنطقة الآمنة المتفق عليها. وجاءت هذه التطورات بعدما زادت أنقرة، في الساعات الماضية، من ضغطها لضمان تطبيق الاتفاق وذلك قبيل اللقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، غداً الثلاثاء، والذي ينتظر أن يبحث مصير قوات النظام السوري، المحمية من روسيا، والتي تتواجد في جزء من منطقة العمليات التركية.
وأعاد أردوغان التأكيد أمس أنه “إذا تم الالتزام بالاتفاق التركي-الأميركي كان به، وإلا فسنستأنف العملية من حيث توقفت فور انتهاء مهلة الـ120 ساعة”، مشيراً إلى أن التفاهمات كانت “مع واشنطن وليس مع الإرهابيين، ونتمنّى من الأميركيين الالتزام بوعودهم تجاهنا هذه المرة”. وأضاف “سنعمل على تأمين المنطقة الآمنة (في سورية) وخططنا ومشاريعنا جاهزة وسنتخذ خطواتنا على هذا الأساس”.
من جهته، أفاد وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، أن “تركيا لا تريد أن ترى أي مسلح كردي في المنطقة الآمنة بسورية بعد هدنة الأيام الخمسة”. وأضاف “سنبحث إخراج إرهابيي وحدات حماية الشعب من على حدودنا، خاصة في منبج وعين العرب، مع الروس”.
وعلى محور تل أبيض في ريف الرقة قتل جندي تركي وأصيب آخر جراء إطلاق نار تعرضت له مواقع في المدينة من قبل قوات “قسد” صباح أمس. وذكرت وزارة الدفاع التركية في بيان لها على موقعها الرسمي، أن قوات “قسد” قامت باستهداف القوات التي تقوم بمهمة الاستطلاع عبر الأسلحة الخفيفة والثقيلة، ما أدى إلى مقتل جندي وإصابة آخر بجروح. وأضافت الوزارة في بيانها أن قواتها قامت بالرد على الخروق ضمن إطار حق الدفاع عن النفس، مشيرة إلى أنه على الرغم من الاتفاق مع الولايات المتحدة إلا أن “إرهابيي حزب العمال الكردستاني قاموا بـ20 خرقاً”. وقالت مصادر لـ”العربي الجديد” إن الجيش التركي أقام قاعدة عسكرية بالقرب من قرية شابداغ شمالي محافظة الرقة، مشيرة إلى أن فرق الهندسة تواصل تمشيط ناحية سلوك بهدف إزالة الألغام التي خلفتها مليشيات “قسد”.
إخلاء القواعد الأميركية مستمر
في هذه الأثناء، أخلت القوات الأميركية، أمس الأحد، قاعدة عسكرية لها في مطار صرين العسكري بالقرب من مدينة عين العرب في ريف حلب الشمالي الشرقي، بعد أيام من اتفاق تركي أميركي وضع حداً للعملية العسكرية التي قام بها الجيش التركي و”الجيش السوري الوطني” مع قوات المعارضة السورية، ضدّ “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) في منطقة شرقي نهر الفرات.
وذكرت وكالة فرانس برس أن مراسلها شاهد أكثر من سبعين مدرعة وسيارة عسكرية ترفع العلم الأميركي وتعبر مدينة تل تمر في محافظة الحسكة، بينما كانت مروحيات برفقتها تحلق في الأجواء. من جهته، قال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لفرانس برس إن القافلة أخلت مطار صرين الذي اتخذته القوات الأميركية قاعدة لها، على بعد نحو ثلاثين كيلومتراً جنوب عين العرب. وكانت القوات الأميركية أخلت في منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول الحالي قاعدة “خراب عشك” في منطقة عين العرب، والتي كانت تعدّ من أهم القواعد الأميركية في منطقة شرقي نهر الفرات. وعقب انسحاب هذه القوات، دمّر طيران “التحالف الدولي” القاعدة المذكورة التي أقامها التحالف الدولي في المنطقة عام 2015 في بداية الحرب ضد تنظيم “داعش”.
وكان وزير الدفاع الأميركي قد أعلن أنه بموجب الخطة الحالية، ستذهب جميع القوات الأميركية التي تغادر سورية إلى غرب العراق، وسيواصل الجيش عملياته ضد تنظيم “داعش” لمنع عودته مرة أخرى. وفي حديثه لصحافيين، لم يستبعد إسبر فكرة قيام القوات الأميركية بمهام لمكافحة الإرهاب في العراق وسورية. لكنه قال إن هذه التفاصيل ستتضح مع مرور الوقت.