انطلقت الثورة السورية في مطلع آذار/ مارس 2011، في خضم “الربيع العربي”، وهي سلسلة من المظاهرات والثورات التي اندلعت في العديد من الدول العربية ضد الأنظمة الديكتاتورية والفساد والظلم. كانت الثورة السورية، سلمية، جاءت بعد عقود من القمع والظلم تحت حكم حزب البعث وآل الأسد .
حيث كانت شرارتها الأولى في مدينة درعا جنوب سوريا عندما قامت مجموعة من الأطفال بكتابة شعارات مناهضة للنظام على جدران مدرستهم. قوبل ذلك باعتقالات وتعذيب من قبل المخابرات، مما أثار غضب الأهالي وأدى إلى مظاهرات عارمة. سرعان ما انتشرت إلى العديد من المدن والقرى السورية، مطالبتاً بالحرية والإصلاحات السياسية.
قابل نظام الأسد هذه الاحتجاجات السلمية بقوة مفرطة، مستخدماً قوات الأمن والجيش لقمع المتظاهرين. واستخدمت قواته الذخيرة الحية، لقتل المتظاهرين، والاعتقالات التعسفية، والتعذيب والاختطاف في محاولة لإسكات الأصوات الثائرين. وبدلاً من تحقيق الإصلاحات المطلوبة، اختار النظام تصعيد العنف، مما أدى إلى لجوء المتظاهرين لوسائل لحماية أنفسهم وأبناء شعبهم من اقتحامات النظام، وقوات الأمن، والمليشيات الداعمة لهم للقرى والبلدات السورية الثائرة.
مع استمرار تصاعد القمع الوحشي من قبل النظام، بدأ عدد من الضباط والمجندين برفضون الأوامر المباشرة باطلاق النار على المتظاهرين وقرروا الانشقاق عن صفوف هذا النظام المجرم ليشكلوا لاحقاً مابات يعرف بــ” الجيش السوري الحر” والذي كان هدفه الأساسي حماية المتظاهرين السلميين والمدنيين. بعد أن أمعن نظام الأسد بجرائمه بحق الشعب السوري قتلاً واعتقالاً وتعذيباً، واستخدم كافة أنواع الأسلحة المحرمة دولياً كالبراميل المتفجرة والصواريخ الباليستية، والأسلحة الكيميائية.
استدعى نظام الأسد الميليشيات الطائفية والقوات الروسية لمساعدته في مواجهة الثوار ووأد الثورة
مع تعقد الوضع الداخلي، تدخلت العديد من القوى الإقليمية والدولية، ودعمت إيران وروسيا نظام الأسد، حيث قدمت روسيا دعماً عسكرياً مباشراً وحاسماً في العام 2015 مما قلب موازين القوى بعد أن سيطر الجيش الحر على مايزيد من 80% من مساحة الأراضي في سوريا
كما أدت الحرب التي شنها نظام الأسد على السوريين إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العصر الحديث. قُتل مئات الآلاف من السوريين، وأُصيب الملايين، ونزح أكثر من نصف سكان البلاد داخلياً أو لجأوا إلى دول الجوار وأوروبا. ودُمرت البنية التحتية الأساسية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس، وتحول الملايين إلى حالة من الفقر المدقع.
واليوم وبعد مرور عقد ونيف على انطلاقة الثورة السورية، مايزال الشعب السوري متمسكاً بثورته طامحاً بوطن حر وكريم له وللأجيال القادمة، ومؤكداً على عدم تنازله عن تضحيات ثوار سوريا في مقارعة الظلم، واستمرار نضالهم من أجل الحرية والكرامة ضد نظام قمعي، أمعن في القتل والإجرام.