بلغت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بفيروس كورونا في شمال غربي سوريا خلال الذروة الحالية التي بدأت في الثامن من آب الفائت 667 حالة، في حين زادت أعداد المصابين عن 49 ألف إصابة خلال 60 يوماً.
وبحسب الإحصائيات اليومية التي أعلنت عنها شبكة الإنذار المبكر والاستجابة للأوبئة التابعة لوحدة تنسيق الدعم، فقد بلغت الإصابات بكورونا في شمال غربي سوريا منذ 8 آب الفائت وحتى السابع من تشرين الأول الجاري 49 ألفاً و643 إصابة.
وشهد يوم السادس من أيلول المنصرم أكبر حصيلة إصابات يومية بكورونا، بـ 1554 إصابة، وكانت الإصابات ضمن هذه الفترة فوق الألف إصابة في 28 يوماً.
وأعلنت شبكة الإنذار المبكر منتصف آب الفائت تسجيل 47 إصابة بمتحور دلتا من فيروس كورونا شمالي سوريا، ومن المرجح أن المتحور الهندي وصل إلى مناطق سيطرة المعارضة من خلال السوريين الذين قضوا إجازة العيد قادمين من تركيا، لتنفجر بعدها الإصابات في منحنى تصاعدي، ما تسبب بشلل كامل في القطاع الطبي.
وأوضح مدير البرامج في وزارة الصحة بالحكومة السورية المؤقتة الدكتور رامي كلزي أن المنطقة دخلت بالموجة الثانية في الأسبوع الثاني من آب الفائت، إذ ارتفعت حينها بشكل حاد لتتجاوز حد 1500 حالة جديدة، بعد أن كان معدل الإصابات اليومية 50 إصابة في اليوم خلال شهري حزيران وتموز الماضيين، في حين كان المعدل لا يتجاوز 10 حالات يومياً في الفترة بين شباط وحزيران الماضيين.
وحذّر كلزي في بيان لـ “المؤقتة” من أنه في مراكز العزل (البالغ عددها 15 مركزاً)، ومشافي العزل (البالغ عددها 11 مشفى) سواء في الأجنحة (حيث يوجد 355 سريرا بالمجموع) والعناية المشددة (حيث يوجد 179 سريرا مع 162 جهاز تنفس صناعي)؛ بلغت نسب الإشغال 100% في معظم المنشآت لمدة أسبوعين متتاليين.
وأشار إلى أن هذا الضغط الكبير على القطاع الطبي تزامن مع انتهاء التمويل للعديد من مراكز العزل المجتمعي، وأدى إلى إغلاق حوالي 10 مراكز خلال الشهور الثلاثة الأخيرة ليبقى فقط 16 مركز عزل من أصل 34 مركزاً، بإجمالي عدد أسرة حوالي 830، بالإضافة إلى المشافي الـ 11 بقدرة استيعابية بلغت 355 سرير جناح و179 سرير عناية مشددة مع 162 جهاز تنفس آلي فقط.
متحور دلتا.. حالات وفاة لدى أعمار أقل بكثير من السابق
ونبّه كلزي من أن المتحور دلتا هو المسؤول عن معظم الإصابات والوفيات، مع رصد عدة حالات وفاة بسببه بمعدل أعمار أقل بكثير من الوفيات الناجمة عن المتحورات السابقة من الفيروس، وأن هذا المتحور أسرع انتشاراً بأضعاف من النسخ السابقة للفيروس، وأشد قوة من حيث الأعراض السريرية، و أكثر احتمالاً لإحداث الوفيات.
وطالب مدير البرامج في وزارة الصحة الدكتور رامي كلزي المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة بالإيفاء بالتزاماتهم من أجل دعم العمل الإنساني عامة والقطاع الصحي خاصةً والاستجابة لوباء كوفيد تحديدا، في ظل عدم التزام الناس بالإجراءات الوقائية وقلة الدعم للاستجابة للوباء من حيث عدد المسحات وتوفر الأكسجين وعدد أسرة العناية المشددة وأجهزة التنفس الآلي..
الأسرّة مشغولة بالكامل منذ 15 يوماً
ضرب متحور دلتا مناطق شمال غربي سوريا في آب الماضي، ونتيجة لسرعة انتشاره وارتفاع معدلات تأثيره على صغار السن، مقارنة مع الموجات السابقة، ظهرت أولى مؤشرات الأزمة، إذ ارتفع معدل المصابين الذين يحتاجون “للمنفسة” بشكل متسارع، وهو ما تسبب بزيادة نسبة إشغال الأسرّة تدريجياً حتى وصلت اليوم إلى حدها الأقصى.
لم يكن إشغال الأسرّة هو المشكلة الوحيدة التي واجهت الكادر الطبي، بل إن نقص الأكسجين الذي رافقه كان عائقاً أمام تقديم المساعدة لمئات المصابين، إذ سجّلت معدلات الإصابة قفزة مفاجأة بمعدل وسطي بلغ 1200 حالة يومياً .
مسؤول ملف كورونا في مديرية صحة إدلب، الطبيب حسام قره محمد، قال لموقع تلفزيون سوريا إن الأسرّة مشغولة بالكامل منذ أكثر من 15 يوماً، “وصلنا اليوم إلى العجز الكامل”، مضيفاً أن عشرات المصابين الذين هم بحاجة للمراقبة المركّزة “لا يزالون ينتظرون دورهم”.
وفي سؤال حول قدرة القطاع الطبي على الصمود في وجه ارتفاع منحنى الإصابات، قال “قره محمد” إنهم يعملون ضمن الإمكانيات المتاحة، ويحاولون بشكل رئيسي تأمين أسرّة وأجهزة أكسجين، مشيراً إلى أن المنظمات “الدولية” المعنية لم تقدم لهم أي مساعدة حتى الآن “سوى الكلام”.
توقف مؤقت عن إجراء المسحات
لم يقتصر النقص في المستلزمات الطيبة في المشافي على الأكسجين، بل تجاوز ذلك إلى نفاد مسحات فيروس كورونا، وهو ما دفع السلطات الصحية إلى إيقاف إجراء اختبارات الكشف عن الفيروس مؤقتاً حتى تاريخ 11 من تشرين الأول الجاري في حال توافّرت.
فريق منسقو الاستجابة قال في وقت سابق إن المواد المخبرية اللازمة لإجراء التحاليل باتت نادرة، في حين ناشد “الجهات الدولية” للعمل على توريد المواد اللازمة “بشكل عاجل وفوري بسبب الأضرار المحتملة التي قد تنتج عن توقف عمل المسحات، وانتشار المصابين بالفيروس في المنطقة وعدم القدرة على معرفة تلك الحالات كونها مرتبطة بإجراء التحاليل”.
حملة نَفَس.. “معاً ننقذ أنفاسهم”
بعد إعلان مديرية صحة إدلب عجز مراكزها عن استقبال مزيد من المصابين والنقص الكبير في المستلزمات الطبية، أطلقت المنظمات آنفة الذكر حملة “نَفس” في 30 من أيلول الماضي، حددت خلالها نطاق عمل رئيسي يهدف إلى تأمين أسطوانات أكسجين لسد العجز الحاصل.
وجاء في بيان إطلاق الحملة ما يلي: “إن الكارثة التي تهدد حياة أكثر من 4 ملايين مدني في شمال غربي سوريا، بينهم أكثر من 1.5 مليون يعيشون في المخيمات لم تكن مفاجئة، بل كانت متوقعة بسبب الاستنفاد الكبير للقطاع الطبي واستهدافه المباشر من قبل قوات النظام وروسيا وتدمير بنيته التحتية، وغياب الخدمات الأساسية، وصعوبة تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي لا سيما في المخيمات”.
وبحسب البيان، “يرجع العجز الحاصل في الاستجابة للنقص الكبير في أسرّة العناية المشددة البالغ عددها 173 سريراً، في حين يبلغ عدد المنافس 157 منفسة، وهي لا تغطي العدد الهائل من الإصابات اليومية التي يتجاوز متوسطها 1200 حالة”، وأضاف أن “النقص الحاد في الأوكسجين يتجاوز 50% من الاحتياجات البالغة 2156 جرة سعة 40 ليترا مغطى منها 1078 جرة فقط”.
الحملة تأتي في إطار الاستجابة الطارئة لتأمين الاحتياجات المنقذة لحياة المصابين بفيروس كورونا، وليست “حلاً جذرياً طويل الأمد لما يعانيه القطاع الطبي من صعوبات”، بحسب البيان.
مدير فريق “ملهم التطوعي”، عاطف نعنوع، قال لموقع تلفزيون سوريا إن الحملة جمعت عبر منصة الفريق حتى تاريخ يوم أمس، نحو 15 ألف دولار، مشيراً إلى عزمهم تخصيص مبلغ إضافي من “أموال الزكاة” (لم يحدد النسبة).
وأضاف أن دور الحملة سيتركز بشكل رئيسي على دعم الكوادر الطبية باللوجستيات والمستلزمات الطبية الأساسية، “نسعى حالياً لإدخال 400 أسطوانة أكسجين من تركيا إلى الشمال السوري، ونواجه صعوبات بسبب بعض المعاملات مع الجانب التركي”.
وذكر أن القائمين على الحملة سيعملون في الفترة القادمة على زيادة أسرة العناية المشددة في بعض المشافي للتخفيف من العجز، وذلك بالتنسيق مع بعض المنظمات ومديرية الصحة في إدلب.
وتابع “نعنوع”: “هناك نقص كبير في الأكسجين بالشمال السوري، للأسف لم يتم التوعية لهذه الموجة بشكل كامل مع أنها كانت متوقعة، وذلك لظن الأهالي أنها ستكون مشابهة للموجات السابقة، ولم يكن أحد على علم بتأثيرات متحور دلتا”.
ويعتزم القائمون على الحملة، ضمن الخطة القادمة، إلى تأمين “مولّدة أكسجين”، وفي حال تأمّن سعرها البالغ قرابة 50 ألف دولار، فقد تحول دون الوقوع في خطر انقطاع الأكسجين من المشافي مستقبلاً.
المصدر: تلفزيون سوريا