دخل الحصار المضروب من قبل قوات النظام السوري ومليشيات موالية على أحياء درعا البلد، جنوب سورية، شهره الثالث، وسط غياب أي آمال بالتوصل إلى اتفاق سياسي ينهي مأساة آلاف المدنيين.
ولم يطرأ جديد على ملف أحياء درعا البلد في محافظة درعا، جنوب سورية. فلا يزال النظام يتمسك بمبدأ فرض السيطرة بالقوة على هذه الأحياء، بينما يرفض الوفد المفاوض عن الأهالي توقيع أي اتفاق يمكن أن يكون مدخلاً للنظام والجانب الإيراني للفتك بمن بقي من مدنيين في هذه الأحياء، ويقدرون بعدة آلاف. ونقلت صحيفة “الوطن” التابعة للنظام السوري عن مصادر وصفتها بـ”الوثيقة”، أمس الإثنين، قولها إن “اللجنة الأمنية (تابعة للنظام) في محافظة درعا، تواصل الاجتماعات والمفاوضات مع اللجنة المركزية التي تمثل الأهالي”.
أحمد المسالمة: لم يحصل توافق على أي بند بخريطة الطريق
وأكدت المصادر أن “الوضع في درعا على حاله، حتى الآن”، مضيفة: هناك مفاوضات تجري، ولكن حتى الآن لا توجد نتائج، ولا يوجد أي شيء واضح، ونأمل أن تحصل انفراجة. ولفتت المصادر إلى أن هناك مهلة مدتها 15 يوماً للموافقة على “خريطة الطريق” لتسوية الوضع في مناطق انتشار المسلحين في المحافظة، وقد مضى منها 8 أيام، و”عند انتهاء مهلة الـ15 يوماً من غير المعروف ماذا سيحصل”، زاعمة أن “الدولة تصرّ على فرض كامل سيادتها على محافظة درعا، وبالوقت نفسه تتبع سياسة النفس الطويل لتجنيب المنطقة الدمار ولحقن الدماء”.
في الأثناء، دخل الحصار المضروب من قبل قوات النظام ومليشيات موالية على أحياء درعا البلد والمخيم وطريق السد شهره الثالث، وهو ما ينذر باتساع نطاق الكارثة الإنسانية في هذه الأحياء، التي تضم آلاف المدنيين الذين تمنعهم المليشيات الموالية لإيران من الخروج باتجاه درعا المحطة، أو الريفين الغربي والشرقي للمحافظة.
من جانبه، أشار الناشط الإعلامي أحمد المسالمة، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن “المفاوضات لم تتحرك”، مضيفاً: لم يحصل أي توافق على أي بند من بنود خريطة الطريق الروسية. وتابع: وصلنا إلى طريق مسدود، فالنظام يصر على تطبيق الخريطة الروسية، ولجنة درعا تقدم مقترحات يرفضها النظام. وروسيا تحولت من دور الراعي والضامن إلى دور الوسيط.
وكان الجانب الروسي قد قدّم، أخيراً، “خريطة حل” للوفد المفاوض عن الأهالي، تنص على تمركز عناصر شرطية تابعة للنظام في مواقع عدة (لم يُحدد عددها) في أحياء درعا البلد، إضافة إلى بندين (سيجري التفاوض على تفاصيلهما خلال الأيام المقبلة)، هما تسليم سلاح المعارضة للنظام، وتهجير المعارضين غير الراغبين بالتسوية إلى الشمال السوري، ويُقدر عددهم بنحو 135 شخصاً. ومنح الروس للطرفين مهلة 15 يوماً للتوافق على حل على أساس هذه الخريطة.
على الصعيد الإنساني، بيّن المسالمة أن الأحياء المحاصرة “تتجه إلى كارثة إنسانية بعد شهرين من الحصار، وإغلاق الطرقات بشكل نهائي”، مضيفاً: نفدت المواد الغذائية أو تكاد، والكهرباء مقطوعة منذ بداية الحصار، والصيدليات توقفت عن العمل لنفاد الأدوية، والنقاط الطبية استنفدت مستودعاتها ومستلزماتها وأدويتها الطبية.
وفي السياق، أوضح عماد المسالمة، وهو أحد الوجهاء في أحياء درعا البلد، في حديث مع “العربي الجديد”، أنه “لم يعد هناك طحين في البيوت”، مضيفاً: ربطة الخبز، إن وجدت، فهي بسعر مرتفع يفوق قدرة العائلات المحاصرة، والمياه تأتي كل عشرة أيام، والخضار ممنوعة نهائياً.
وقعت اشتباكات بين فصائل “الجيش الوطني” في رأس العين
وكانت عائلات قد نزحت من درعا البلد إلى درعا المحطة، إلا أنها اضطرت للعودة بسبب تكدس النازحين في مراكز الإيواء. وتشكل منطقتان مدينة درعا، وهما درعا المحطة التي لم تخرج عن سيطرة النظام منذ بدء الثورة السورية وتضم المربع الأمني، ودرعا البلد التي شهدت انطلاقة الثورة في العام 2011، وهي خارج سيطرته منذ أواخر ذلك العام. وتضم هذه المنطقة حي “المخيم” الذي يضم لاجئين فلسطينيين ونازحين سوريين من الجولان المحتل عام 1967.
ومن جنوب سورية إلى شمالها الشرقي، الذي شهد ليل الأحد – الاثنين اشتباكات جديدة بين فصائل تابعة لـ”الجيش الوطني” التابع للمعارضة السورية، في حدث ليس الأول من نوعه، إذ سبق لهذه الفصائل أن دخلت في صراعات داخلية دموية كانت تنتهي مع تدخل الجيش التركي. وذكر الصحافي عبد العزيز الخليفة، لـ”العربي الجديد”، أن مدينة رأس العين، في ريف الحسكة الشمالي الغربي، شهدت اشتباكات بين الشرطة العسكرية والمدنية، عقب وصول دورية من “العسكرية” لاعتقال أحد المنتسبين لـ”المدنية” التي رفضت تسليمه، ما أدى إلى إصابة 14 عنصراً من الطرفين، جراح بعضهم خطيرة، استدعت نقلهم إلى مستشفيات تركية. وأوضح الخليفة أن “فرقة الحمزة” التابعة للجيش الوطني “ساندت الشرطة العسكرية”، مشيراً إلى أن الجيش التركي تدخل وسيّر دوريات داخل المدينة عقب انتهاء الاشتباكات. ووصفت مصادر محلية الاشتباكات التي جرت بـ”العنيفة”، مشيرة إلى أن الأطراف المتقاتلة استخدمت أسلحة متوسطة، ما تسبب بحالة من الذعر والهلع بين سكان المدينة.
وتسيطر فصائل المعارضة السورية على منطقة رأس العين في ريف الحسكة منذ أواخر العام 2019، حين شن الجيش التركي عملية عسكرية في منطقة شرقي نهر الفرات وطرد “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) من شريط حدودي بطول 100 كيلومتر، وبعمق 33 كيلومتراً. ولم تنته الحالة الفصائلية داخل “الجيش الوطني”، إذ شهد الشمال السوري خلال العامين الأخيرين اشتباكات دامية بين هذه الفصائل لأسباب تتعلق بالنفوذ، وهو ما خلق فجوة كبيرة بين السكان وهذه الفصائل. ولم تستطع هذه الفصائل ضبط أمن المناطق التي تسيطر عليها شرقي نهر الفرات وغربه، حيث تشهد هذه المناطق عمليات إرهابية تخريبية بين وقت وآخر، تُتهم عدة جهات بالوقوف وراءها، منها النظام و”قوات سورية الديمقراطية”.
وفي هذا الصدد، انفجرت سيارة شحن مفخخة بعبوة ناسفة، أمس الاثنين، في مدخل كاراج الشحن، غربي مدينة أعزاز، بالقرب من ساحة الحبوب، ما أدى إلى إصابة سبعة مدنيين بجروح متفاوتة. وتعد مدينة أعزاز، الواقعة إلى الشمال من مدينة حلب بنحو 50 كيلومتراً، من أكبر المدن التي تسيطر عليها فصائل المعارضة، وتضم مقرات رسمية للائتلاف الوطني والحكومة المؤقتة.
العربي الجديد