في ظل تعقد ملف الجنوب السوري جراء توجه النظام إلى التصعيد وإعادة فرض هيمنته على المنطقة من السويداء إلى درعا والقنيطرة، عُقد مؤتمر في السويداء، يوم أمس الأحد، تحت عنوان “الجنوب السوري ورؤية الحل السياسي القادم لسورية”، ضم عددا من الفاعلين السياسيين وممثلي الفصائل المحلية من أبناء المحافظة.
وأفادت مصادر محلية مطلعة، طلبت عدم الكشف عن هويتها لأسباب أمنية، “العربي الجديد”، بأن “المشاركين ناقشوا ثلاثة محاور رئيسية، الأول حول تردي الواقع المعيشي في محافظة السويداء والفلتان الأمني”، لافتة إلى أن “المشاركين اتهموا الأجهزة الأمنية بالوقوف خلف الفلتان الأمني الحاصل على ساحة المحافظة، المتمثل بوجود عصابات تحمل بطاقات أمنية ومغطاة من قبلها، وتقوم بعمليات الخطف والسرقة والقتل وترويج المخدرات وتهريبها إلى الدول المجاورة”.
وقالت المصادر ذاتها إن “المشاركين حمّلوا السلطة السورية المسؤولية الكاملة عن الواقع التي تشهده السويداء وعموم المحافظات السورية من تردٍ للأوضاع المعيشية والخدمية، وأكدوا أن سورية أصبحت لقمة سائغة للدول الأخرى، إذ لا تملك السلطة السورية سوى 17% من الساحل والقسم المتبقي بيع إلى روسيا وإيران، متهمين الأخيرة بشراء أراضي عبر واجهات سورية في عدة مناطق من المحافظة”.
وأوضحت أن “المحور الثاني تناول ما يجري في درعا من أعمال عسكرية، معبرين عن رفضهم القصف المستمر والحصار من قبل المليشيات الإيرانية لمحافظة درعا”. وعبروا عن اعتقادهم بأنه في “حال تم اقتحام واحتلال درعا البلد من قبل الإيرانيين، فإن السويداء ستكون الخطوة التالية لهم، ما يؤكد أن المحافظتين في خندق واحد ضد عدو واحد”.
وتابعت المصادر أن “المحور الثالث تمحور حول الحل السياسي السوري القادم، مستعرضين الجوانب التي يمكن العمل عليها للانتقال بالحكم في سورية بطرق سلمية تساهم في إنهاء الصراع الدائر في البلاد”.
وذكرت المصادر أن “المشاركين اعتبروا أنه من الضرورة اليوم رحيل السلطة وتطبيق القرار 2254 والانتقال السلمي للسلطة، وإنهاء حالة الحرب الدائرة في البلاد”.
وحول الجهات المنظمة للمؤتمر، بينت المصادر أن “الدعوة تم توجيهها من قبل حزب اللواء السوري وتجمع بنا وطن وعدد من السياسيين من أبناء المحافظة، على أن يتم عقد العديد من اللقاءات القادمة بهدف إحياء العمل السياسي في الداخل السوري”.
من جهته، قال الناشط “أبو جمال معروف”، اسم مستعار لأسباب أمنية، في حديث مع “العربي الجديد”، إن “التصعيد الذي ينتهجه النظام في درعا ينذر بوجود مخطط للهيمنة على الجنوب السوري وضرب القوى التي تسعى للحفاظ على استقرار سكان المنطقة.
وأضاف “حالة طبيعية أن تبحث المجتمعات والنخب التي تعيش فيها عن حلول، بعد أن تم تعطيل القانون والضابطة العدلية وكف يدها عن ملاحقة العصابات، الذين أصبحوا يتمتعون بحصانة أمنية، ودعم مالي ولوجستي كبير، بالاجتماع والبحث عن حلول تساهم في حماية أمن المجتمع المهدد، والوقوف بوجه عودة هيمنة السلطة الأمنية”.
ولفت إلى أن “السويداء كحال بقية مناطق سيطرة النظام تعاني من انهيار متسارع للواقع الاقتصادي والخدمي، ما ينعكس سلباً على الواقع المعيشي للسكان وينذر بوقوع كارثة إنسانية مع اقتراب فصل الشتاء بظل نقص شديد بالوقود والكهرباء، إضافة إلى ارتفاع مستوى الجريمة المنظمة، ما دفع بالعديد من القوى الاجتماعية والسياسية إلى المطالبة بتطبيق الحماية الذاتية”.
يُشار إلى أن السويداء استطاعت منذ عام 2014، عبر “حركة رجال الكرامة” ومجموعة من الفصائل المحلية، من وضع حد للأجهزة الأمنية في ما يخص الاعتقال العشوائي وإجبار الشباب على الخدمة العسكرية في صفوف القوات النظامية، ما سمح بوجود أعداد كبيرة من أبناء المحافظة تستنكف عن الخدمة الإلزامية والاحتياطية.
العربي الجديد