أخر الأخبار

حصار متبادل بين النظام السوري والأكراد: تلاشي فرص التفاهم

تجاوز الحصار الذي تفرضه قوى الأمن الداخلي التابعة لـ”الإدارة الذاتية” الكردية (الأسايش) على مناطق سيطرة النظام السوري في محافظة الحسكة، يومه العشرين، في ظلّ انعدام الفرص لتفاهم قريب بين الطرفين ينهي “حرب الحصار” المتبادل، إذ يفرض النظام من جهته حصاراً على مناطق ذات غالبية سكّانية كردية داخل مدينة حلب، وفي ريفها الشمالي.
وذكرت وكالة “سانا” التابعة للنظام السوري، أول من أمس السبت، أن مخابز مدينة الحسكة “متوقفة لليوم الرابع على التوالي، نتيجة الحصار الذي تفرضه مليشيات (قوات سورية الديمقراطية) قسد المرتهنة للاحتلال الأميركي على مركز مدينة الحسكة وحيّين سكنيين في مدينة القامشلي، ومنعها دخول الطحين والوقود، ما يحرم نحو 100 ألف مدني من الخبز، تضاف إلى منع دخول المواد الغذائية وصهاريج المياه من الدخول منذ 17 يوماً متواصلة”، وفق الوكالة.

بدأ النظام يدرك خطورة الموقف، وأن وجوده في الشمال الشرقي من سورية بات مهدداً

من جهته، قال مصدر مقرب من “الأسايش”، لـ”العربي الجديد”، إن الحصار “هو عملياً على المربعين الأمنيين الخاليين من السكّان في مدينتي القامشلي والحسكة، إضافة إلى حيّي طي وحلكو في القامشلي”، مؤكداً أنه “يمكن لكل القاطنين التنقل سيراً على الأقدام وشراء ما يلزم من مواد غذائية ما يكفي”. وأوضح المصدر أن مداخل المربعين الأمنيين مغلقة من الاتجاهات كافة بحواجز لقوات “الأسايش”، مشيراً إلى أن هناك حواجز لهذه القوات على مداخل حيّي طي وحلكو القريبين من مطار القامشلي.

وتفرض “قسد”، والتي تتبع لها قوات “الأسايش”، سيطرة شبه كاملة على محافظة الحسكة في أقصى الشمال الشرقي من سورية، باستثناء مربعين أمنيين في مدينتي القامشلي والحسكة، وبعض القرى القريبة من المدينتين، إضافة إلى “الفوج العسكري 123” (فوج كوكب) قرب الحسكة، و”الفوج العسكري 154″(فوج طرطب) قرب مدينة القامشلي، ومطار القامشلي الذي تحول إلى قاعدة عسكرية روسية منذ أواخر العام 2019.
وتشير المعطيات إلى أن النظام السوري بدأ يدرك خطورة الموقف، وأن وجوده في الشمال الشرقي من سورية بات مهدداً، مع عجزه الكامل عن مواجهة “قسد” المدعومة من الولايات المتحدة، والتي من المرجح أنها أعطت الضوء الأخضر لهذه القوات لمواصلة الحصار في سياق السياسة الأميركية القائمة على الضغط المتصاعد على النظام السوري. ولجأ النظام أخيراً إلى شيوخ ووجهاء العشائر والقبائل العربية في محافظة الحسكة لحشد موقف مضاد للجانب الكردي، واجتمع محافظ الحسكة التابع للنظام غسان الخليل، أول من أمس السبت، مع هؤلاء الوجهاء، لـ”بحث تداعيات الحصار الجائر”، وفق وسائل إعلام النظام.

ومن الواضح أن النظام السوري لا يريد الخروج من محافظة الحسكة، التي تعد الأغنى بالثروات، خصوصاً الزراعية والبترولية، فخسارة وجوده “الرمزي” فيها يعني خطوة متقدمة على طريق انهياره بشكل كامل، نظراً لما تشكله هذه المحافظة من أهمية على المستويات كافة. ولا يملك النظام القوة العسكرية التي تمكّنه من استعادة السيطرة على الحسكة، لذا دعا مؤيديه للخروج في “وقفات احتجاجية” للضغط على القوات الكردية لفكّ الحصار أو التخفيف منه. وأمس الأحد، قتل شخص وأصيب خمسة آخرون، جرّاء إطلاق النار على تظاهرة ضد “قسد”، في مناطق سيطرة النظام في مدينة الحسكة. وأكدت مصادر لـ”العربي الجديد” أن تظاهرة ضد “قسد” خرجت في منطقة المربع الأمني الخاضعة لسيطرة النظام في المدينة تعرضت لإطلاق النار من قبل مجهولين، لدى توجهها من أمام القصر العدلي ضمن المربع الأمني، باتجاه أحد الحواجز التابعة للمليشيات الكردية، ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة خمسة آخرين بجروح.

وأكد الباحث السياسي المقرب من “قسد”، آزاد حسو، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن هناك شروطاً عدة لفكّ الحصار على المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام في محافظة الحسكة، منها “فكّ الحصار على مناطق شهبا والأشرفية والشيخ مقصود ورفع يدها عن السكان هناك، وقطع تعامل النظام السوري الأمني مع الدولة التركية”.

وبدأت الأزمة بين النظام والجانب الكردي مع قيام قوات النظام بالتضييق على مناطق تحت سيطرة “قسد”، أغلب سكانها من السوريين الأكراد، في مدينة حلب، أبرزها حي الشيخ مقصود، وفي مدينة تل رفعت في ريف حلب الشمالي، والتي تضم عشرات آلاف النازحين الكرد من منطقة عفرين في شمال غربي حلب. ووفق مصادر مطلعة، يضم ريف حلب الشمالي، أو ما تطلق عليها “الإدارة الذاتية” تسمية “الشهباء”، خمسة مخيمات لنازحي منطقة عفرين منذ بدايات عام 2018، هي: سردم، برخدان، عفرين، العودة والشهباء، والتي قامت الإدارة بإنشائها بعد سيطرة تركيا وفصائل “الجيش الوطني” السوري على منطقة عفرين. وأشارت المصادر إلى أن “عدد مهجري عفرين في مناطق الشهباء يبلغ حوالي 250 ألف نسمة، يعيش أكثر من 133 ألف نسمة في المخيمات و120 ألف نسمة يعيشون في المنازل شبه مدمرة وغير مؤهلة للسكن، ما يجعل توفير الخدمات في غاية الصعوبة”.

يفرض النظام حصاراً على مناطق ذات غالبية سكّانية كردية داخل مدينة حلب، وفي ريفها الشمالي

من جهته، قال سليمان جعفر، وهو “الرئيس المشترك للمجلس التشريعي لإقليم عفرين” التابع لـ”الإدارة الذاتية”، في حديث مع “العربي الجديد”، إن هناك جملة من الأزمات يواجهها النازحون من عفرين إلى ريف حلب الشمالي، في مقدمتها “القصف من قبل الجانب التركي“، مشيراً إلى أن النظام السوري يحاصر المنطقة من النواحي كافة. وفصّل جعفر بالقول: “يوجد شريان واحد للمنطقة، وهو مع النظام السوري، للتزود بالمواد الغذائية والمحروقات والأدوية، ومنذ أواخر العام الماضي، يمنع النظام دخول الطحين والمحروقات والأدوية للنازحين”. وأشار إلى أن حواجز قوات النظام “تسمح أحياناً لبعض التجار بإدخال مواد غذائية، ولكن بعد أن تفرض ضرائب باهظة على السيارات التي تحمل هذه المواد”، موضحاً أن التجار “يسترجعون ما دفعوا من خلال رفع الأسعار”.

ولا يمكن عزل ما يجري من حصار متبادل بين النظام والقوميين الأكراد السوريين، عن تلاشي فرص التفاهم بين الطرفين حول مجمل القضايا التي تخص الشمال الشرقي من سورية، أو ما بات يُطلق عليه “شرقي الفرات” الذي تسيطر عليه “قسد” التي يهمين عليها الأكراد. وتشكل هذه المنطقة نحو ثلث مساحة سورية، وهي السلة الغذائية الأولى في البلاد، فضلاً عن وجود أكبر حقول النفط والغاز فيها. وتعمّقت أزمة النظام الاقتصادية مع خروج هذه المنطقة عن سيطرته بدءاً من بدايات عام 2013، وفشلت كل جولات الحوار بين “الإدارة الذاتية” والنظام بإشراف روسي خلال العامين الأخيرين بسبب إصرار هذا النظام على استعادة المنطقة من دون شروط.

 

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

ليبيا.. وفاة 17 سورياً بعد غرق قاربهم في المتوسط

Hasan Kurdi

النظام يوقع اتفاقية عسكرية “شاملة” مع إيران

Hasan Kurdi

الرئيس التركي يعلن القبض على الإرهابي الذي أعد للهجوم الدموي في عفرين أمس

Hasan Kurdi

الولايات المتحدة تعلن موقفها من انتخابات الرئاسة في سورية: مزيفة ولا تمثل الشعب

Hasan Kurdi

غارات إسرائيلية تستهدف مطار التيفور شرقي حمص

Hasan Kurdi

ميليشيات النظام تهدم أكثر من 50 منزلاً في قرب مدينة حرستا

Hasan Kurdi