أخر الأخبار

تقديم المساعدات للسوريين: مشروع فيتو روسي جديد

نيويورك ــ ابتسام عازم
9 يونيو 2020
تعمل ألمانيا وبلجيكا، اللتان تقودان الملف الإنساني حول سورية في مجلس الأمن الدولي، على صياغة مشروع قرار دولي يجدد عمل الآلية العابرة للحدود لتقديم المساعدات الإنسانية في سورية، ولا سيما في الشمال الشرقي والشمال الغربي، التي تنتهي ولايتها في العاشر من يوليو/تموز المقبل بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2504. وسيناقش مجلس الأمن الوضع السياسي والإنساني في سورية هذا الشهر في ثلاث جلسات مختلفة مدرجة على برنامجه الشهري. ومن غير الواضح ما إذا كانت مسودة مشروع القرار حول تقديم المساعدات ستُقدّم للتصويت عليها خلال الشهر الحالي تحت الرئاسة الفرنسية أو أن الجانب الألماني سيفضّل التصويت عليها في أثناء رئاسته للمجلس الشهر المقبل. ويبرز أكثر من سيناريو محتمل لهذا التجديد: الأول أن يُصاغ مشروع قرار يجدد لمدة سنة للآلية عبر المعبرين الواقعين على الحدود التركية (باب السلام وباب الهوى) المعمول بهما حالياً مع العودة لفتح معبر ثالث، هو اليعربية على الحدود السورية العراقية. وهذا السيناريو تفضّله أغلب الدول الأعضاء في مجلس الأمن. تقارير الأمم المتحدة ذات الصلة تظهر أنها كذلك تدعم سيناريو من هذا القبيل من الناحية المبدئية من أجل ضمان وصول المساعدات الإنسانية بأسرع طريقة ممكنة ولأكبر عدد ممكن من الناس إلى شمال شرق وشمال غرب سورية. وهي مناطق تقع في أغلبها خارج سيطرة النظام، ويعيش فيها قرابة ستة ملايين سوري، أكثر من أربعة ملايين منهم بحاجة إلى مساعدات إنسانية ملحّة.

أما السيناريو الثاني المحتمل، بحسب ما ذكرته مصادر دبلوماسية غربية مطلعة في مجلس الأمن في نيويورك لـ”العربي الجديد”، فينص على التجديد ستة أشهر فقط وتوصيل المساعدات لشمال شرق وشمال غرب سورية من طريق المعبرين على الحدود التركية، إضافة إلى إدخالها إلى تلك المناطق من طريق الأراضي التي يسيطر عليها النظام السوري بعد الحصول على موافقته، وعدم فتح أي معبر ثالث، سواء اليعربية أو معبر تركي إضافي، كتل أبيض. أي إبقاء الوضع على ما هو عليه حالياً، وهو ما ينص عليه قرار مجلس الأمن 2504 الذي تنتهي صلاحيته في العاشر من يوليو. وهذا هو السيناريو الذي يفضّله الجانب الروسي.


محاولات للحصول على تأييد الدول الـ13 لمشروع يضيف معبراً ثالثاً لإحراج روسيا والصين

“وأشار مصدر دبلوماسي إلى مباحثات حول نص المشروع قائمة، إلا أنه لم تعقد أي جلسات رسمية بعد. وقال إن هناك محاولات للحصول على تأييد الدول الأعضاء الثلاث عشرة في المجلس لمشروع القرار، ما قد يعزل ويحرج روسيا والصين دبلوماسياً إذا قررتا استخدام الفيتو ضد مشروع قرار يضيف معبراً ثالثاً إلى ما هو موجود حالياً.

وحول الاستراتيجية التي تريد الدول الغربية اتّباعها للضغط على روسيا للقبول بفتح معبر ثالث لإدخال المساعدات، قال مصدر دبلوماسي آخر غير غربي لـ”العربي الجديد” في نيويورك “إن الدول الغربية تعوّل حالياً على عدد من الأوراق للضغط على الجانبين الروسي والصيني، من بينها خطر انتشار كورونا والحاجة الملحّة إلى تقديم المساعدات الإنسانية، وخصوصاً الطبية، على الرغم من تمكّن الأمم المتحدة من إدخال بعضها أخيراً، إلا أن نسبتها غير كافية”.

وأوكل القرار 2504 (2020) إلى الأمين العام أنطونيو غوتيريس تقديم تقرير إلى مجلس الأمن يقترح فيه إمكانية استخدام طرق بديلة لمعبر اليعربية الحدودي بين العراق وسورية، من أجل ضمان وصول المساعدات الإنسانية، بما فيها اللوازم الطبية والجراحية إلى الأشخاص المحتاجين، خصوصاً في الشمال الشرقي والشمال الغربي لسورية. وقدّم غوتيريس عدداً من الاقتراحات، إلا أن الجانب الروسي ما زال يصرّ على أن الآلية الموجودة حالياً كافية. وعلى الرغم من تحديد غوتيريس لعدد من الخيارات الإضافية والبديلة لليعربية، إلا أنه أكد أن قدرة الأمم المتحدة على تقديم المساعدات عبرها تبقى محدودة مقارنة باليعربية. بكلمات أخرى، إن إعادة فتح معبر اليعربية لضمان استمرار وصول المساعدات بالشكل الكافي ضروري جداً، بحسب الأمم المتحدة.

وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن النظام السوري يضع الكثير من العراقيل البيروقراطية أمام الأمم المتحدة لإدخال المساعدات الإنسانية عبر المناطق التي يسيطر عليها. وفي ما يخص تقديم المساعدات للشمال الشرقي، قال منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالة الطوارئ، مارك لوكوك، إن منظمة الصحة العالمية تمكنت في مايو/ أيار الماضي من إدخال شحنات مساعدات طبية إلى الشمال الشرقي عبر الطرق الداخلية، وعلى الرغم من ذلك فإنه يمكنها توصيل المساعدات إلى قرابة 31 في المئة فقط من المرافق الطبية التي كانت تعتمد في السابق على معبر اليعربية الحدودي للحصول على الامدادات. ولفت الانتباه إلى تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي أكد أن هناك حاجة ماسّة لتقديم المساعدات بأكثر من طريقة، لكن يبقى معبر اليعربية نقطة أساسية، وطالب بالعودة إلى استخدامه. وفي ما يخص شمال غرب سورية، قال لوكوك إن الأمم المتحدة تمكنت من زيادة المساعدات التي تدخلها إلى تلك المنطقة من طريق المعابر التركية، مؤكداً أنه لتلبية الاحتياجات الإنسانية الهائلة في الشمال الغربي يجب أن يجدد مجلس الأمن قراره واستمرار فتح معبري باب السلام وباب الهوى لمدة 12 شهراً إضافياً.

وحتى العاشر من يناير/ كانون الثاني الماضي، كان يُسمح للأمم المتحدة بموجب القرار 2165 (الصادر عام 2014) وقرارات إضافية ذات صلة، بتقديم المساعدات العابرة للحدود عبر أربعة معابر، هي: الرمثا (الأردن)، واليعربية (العراق)، وباب السلام وباب الهوى (تركيا). واستخدمت كل من روسيا والصين في ديسمبر/ كانون الأول الماضي الفيتو وأفشلتا تبنّي مجلس الأمن مشروع قرار يجدد لآلية تقديم المساعدات العابرة للحدود في سورية عبر ثلاثة معابر، باب الهوى وباب السلام واليعربية، بدلاً من الأربعة التي كان معمولاً بها.

وكان القرار قد حصل على تأييد 13 دولة من أصل 15 دولة، لكن الفيتو الروسي-الصيني حال دون تبنيه. ورأت الدول التي فاوضت على المشروع آنذاك، ألمانيا وبلجيكا والكويت، أن تلك الصيغة كانت بمثابة حل وسط بين موقف كل الدول الأعضاء في مجلس الأمن وموقف الأمم المتحدة من جهة، والموقف الروسي-الصيني من جهة أخرى.
وبعد جولة جديدة من التفاوض، تمكّن مجلس الأمن من تبني القرار 2504 في العاشر من يناير/ كانون الثاني الماضي الذي يسمح بتقديم المساعدات الإنسانية العابرة للحدود عبر معابر باب السلام وباب الهوى فقط ولستة أشهر.

وفي الجلسة الأخيرة التي عقدها مجلس الأمن نهاية مايو لنقاش الوضع الإنساني في سورية، بدا الموقف الروسي واضحاً في تصلبه وإصراره على أن تقديم المساعدات لشمال شرق وشمال غرب سورية كافٍ عبر الآلية الحالية التي ترتكز على المعبرين التركيين وعبر الأراضي التي يسيطر عليها النظام السوري. بل إن المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، حمّل العقوبات المفروضة على النظام السوري من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي المسؤولية عن النقص في الإمدادات الطبية.


السفير الروسي: لا تضيعوا وقتكم في الجهود المبذولة لإعادة فتح المعابر المغلقة

“من جهتها، ترى الدول الأوروبية، كما الولايات المتحدة، أن تلك الادعاءات غير صحيحة وتؤكد أنها تستثني من عقوباتها تقديم المساعدات الإنسانية. ولعل ما جاء في نهاية مداخلة السفير الروسي في تلك الجلسة يلخص باختصار مصير مشروع القرار المرتقب، إذ قال موجهاً كلامه إلى سفراء الدول الغربية: “أود اليوم أن أكرر ما قلته آخر مرة. لا تضيعوا وقتكم في الجهود المبذولة لإعادة فتح المعابر المغلقة عبر الحدود (معبرا الرمثا واليعربية). ينبغي تشجيع مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (التابع للأمم المتحدة) على العمل مع دمشق لإيجاد طرق عبر المعابر الحدودية (التركية المتاحة حالياً) وعبر خطوط النزاع السورية لتقديم المساعدات لشمال شرق سورية وكل سورية”.

 

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

روسيا والنظام يحذران من استخدام الجرائم الكيميائية لتبرير ضربات عسكرية

Hasan Kurdi

تظاهرات في ريف دير الزور والرقة ترفض دخول ميليشيات الأسد وإيران

Hasan Kurdi

بيدرسون: الأمم المتحدة غير منخرطة في الانتخابات الرئاسية السورية المقبلة

Hasan Kurdi

“انتخابات” الأسد: تصويت بالإكراه وإضرابات وتظاهرات

Hasan Kurdi

مظاهرات في مناطق متفرقة من درعا رفضاً لـ “خارطة الطريق” الروسية

Hasan Kurdi

الائتلاف يطالب السلطات اللبنانية بحماية اللاجئين السوريين ومنع الانتهاكات بحقهم

Hasan Kurdi