أخر الأخبار

الشركات الروسية تتحكم بأرزاق آلاف العمال السوريين

عنب بلدي – اقتصاد

تقيس حكومة النظام السوري نسب الربح والخسارة المتعلقة بالعقود المبرمة مع الشركات الاستثمارية الروسية من وجهة نظرها، ومع إعلانها عن حصتها من الواردات والنفقات التي سيتم صرفها، تبقى أغلبية مضامين العقود مجهولة، وخاصة المتعلقة بمصير العمال القائمين على رأس عملهم في القطاعات التي دخلت في المجال الاستثماري من قبل الروس.

مع بدء تسلمها القطاعات على الأرض، باشرت الشركات الروسية، في الأشهر الماضية، بإجراءات أولية لتنفيذ البنود المتفق عليها بموجب العقود الاستثمارية، أولها ما يخص العمال القائمين على رأس عملهم، الذين اصطدموا بمحاولات إبرام عقود عمل جديدة معهم، من شأنها أن تؤدي إلى فصلهم أو الاستغناء عنهم، وهو أمر مرتبط بكون نظام العمل يختلف بين روسيا وسوريا، من حيث عدد العمال الذي يحتاجه كل قطاع، إلى جانب القوانين الناظمة للعمل المدرجة في إطار القطاعين العام والخاص.

لم تقتصر العقود الاستثمارية التي أبرمتها الشركات الروسية في سوريا على قطاع اقتصادي معين دون الآخر، بل انسحب الأمر على مختلف القطاعات سواء النفط والغاز أو المتعلقة بإعادة الإعمار والقطاع الزراعي، إضافة إلى الاستثمار في مرافئ البحر المتوسط، وأبرزها العقد الذي أبرمته روسيا مع النظام السوري، في نيسان 2019، وتضمن استثمار مرفأ طرطوس لمدة 49 عامًا.

وكان إعلان استثمار مرفأ طرطوس من قبل الروس قد طرح عدة تساؤلات، تعلقت بصيغة العقد الذي دخلت فيه الشركة الروسية، سواء ضمن حالة الاستئجار أو الاستثمار أو التشغيل، وإلى جانب ذلك ارتبطت التساؤلات بمصير العاملين في المرفأ الذين يبلغ عددهم بالآلاف، ورغم التطمينات التي قدمها وزير النقل في حكومة النظام السوري، علي حمود، بشأنهم وبخصوص بقائهم في العمل، حينها، اتضح أن الأمر اتخذ منحى آخر بعد أسابيع من مباشرة شركة “إس تي جي أنجينيرينغ” الروسية عملها بشكل رسمي، في 9 من تشرين الأول الحالي.

عقود “وفق القانون الروسي”
صحيفة “الوطن” المقربة من النظام السوري ذكرت، في 24 من تشرين الأول الحالي، أن إشكالًا ظهر بعد تسلم الشركة الروسية (إس تي جي أنجينيرينغ) مرفأ طرطوس، يتعلق بالعمال القائمين على رأس عملهم.

وأوضحت الصحيفة أن إحدى الشركات الخاصة المتعاقدة مع الشركة الروسية المستثمرة اجتمعت مع العمال، بعيدًا عن تنظيمهم النقابي، في محاولة منها لإبرام عقود عمل جديدة معهم، بعيدًا عن قانون العاملين الأساسي المعينين على أساسه، ما دفع بهم إلى الشكوى بسبب الخوف من فصلهم والاستغناء عنهم.

وقال رئيس نقابة المرفأ، فؤاد حربا، للصحيفة إن “النقابة ضد هذا التصرف، وتعترض عليه بقوة وطلبت من العمال عدم التوقيع على أي عقود جديدة”، مضيفًا “تمت مخاطبة اتحاد عمال المحافظة بمذكرة خطية جاء فيها: إن المادة /2-2-6/ من العقد نصت على التزام الشركة المستثمرة بالاستفادة من العمالة الموجودة حاليًا في مرفأ طرطوس والحفاظ عليها”.

وتابع حربا “فوجئنا بدعوات من الشركة الروسية للعمل على إجراء لقاءات بحضور مندوب عن شركة صدى لإبرام عقود عمل مع العمال في ظل القانون رقم /17/ لعام 2010، الناظم لعمال القطاع الخاص”.

وبحسب رئيس نقابة المرفأ فإن الخطوة التي أقدمت عليها الشركة الروسية في المرفأ “لا تجوز، لذلك طالبت النقابة بضرورة استمرار نفاذ وتطبيق القانون الأساسي للعاملين في الدولة على العاملين في الشركة العامة لمرفأ طرطوس من دائمين ومؤقتين”.

واعتبر حربا أنه لا يحق للشركة الروسية المستثمرة إبرام مثل هذه العقود، ولا إدخال أي شركة وسيطة في الاستثمار، مضيفًا أن إجراءاتها غير قانونية، وستثير العديد من الإشكالات مع العمال.

سبر سابق للعمالة
يقود ما سبق إلى 24 من شهر نيسان 2019، أي بعد أيام من توقيع عقد استثمار مرفأ طرطوس من قبل الروس، إذ قال أحد العاملين في النقل البحري، والمتعاملين مع المرفأ، حينها، إن لجنة روسية درست وضع المرفأ، وإن أبرز ما تمت مناقشته تركز حول وضع العمالة فيه، إضافة إلى وضع الآليات أو البنية التحتية في المرفأ.

وبحسب ما نقل موقع “روسيا اليوم” عن خبير روسي، حينها، فإن المرفأ بحاجة إلى تأهيل من جديد، ومعظم الآليات غير جاهزة، إضافة إلى أن عدد العمال فيه كبير مقارنة بمرافئ مماثلة.

وضرب الخبير الروسي مثلًا على ذلك مرفأ نوفوروسيسك في روسيا الذي يشغله 600 عامل، بينما مرفأ طرطوس فيه نحو خمسة آلاف عامل، مضيفًا “تبين بعد سبر حالة العمالة في المرفأ أن المكان الذي يحتاج عاملًا واحدًا يوجد فيه نحو ستة عمال”.

وفي أثناء توقيع عقد استثمار المرفأ كان وضع العمال موضوع الخلاف الأبرز بين الشركة الروسية المستثمرة وإدارة المرفأ، بحسب الخبير، الذي أشار إلى اتجاهات عدة طُرحت للحل، منها الاتفاق على إبقاء نحو 36% من العمال في المرفأ، وتحويل الآخرين إلى جهات حكومية أخرى، أو إحالة بعضهم إلى التقاعد المبكر.

تقليص بعد الاستحواذ
تشابه الخطوة السابقة التي أقدمت عليها الشركة المستثمرة لمرفأ طرطوس، ما عملت عليه شركة “ستروي ترانس غاز” الروسية، التي استحوذت على شركة الأسمدة في مدينة حمص مؤخرًا، بموجب عقد أبرمته مع حكومة النظام السوري.

وبعد استحواذ الشركة الروسية على شركة الأسمدة عملت الإدارة على تقليص عدد الموظفين، واستغنت عن خدمات ما لا يقل عن 1200 موظف، لتنقلهم حكومة النظام إلى مؤسسات ومعامل أخرى، كما فتحت الشركة الروسية المستثمرة المجال أمام الموظفين المفصولين والمتقاعدين للعودة إلى عملهم بنظام العقود.

“أبو سامر”، من عمال شركة السماد وما زال مستمرًا في وظيفته، قال في وقت سابق لعنب بلدي، “بعد سيطرة الشركة الروسية على معمل السماد راقبت العمال وحددت من يستطيع العمل معها ومن سوف تستغني عنه، وأخبرتنا بالتواصل مع زملائنا القدامى وإخبارهم أنهم باستطاعتهم العودة الى العمل بنظام العقود، بشرط الكفاءة والقدرة على العمل”.

وهو ما أكده العامل المفصول سابقًا ناصر، من مدينة الرستن بريف حمص، موضحًا أن زميله أخبره بأنه يستطيع العودة بعقد لثلاثة أشهر قابل للتجديد وبراتب قدره 80 ألف ليرة سورية (125 دولارًا بسعر صرف 640 ليرة)، متضمنة النقل والطبابة.

ونفى العامل وجود الهواجس الأمنية حاليًا، فالشركة الروسية هي القائمة على المعمل ولا علاقة لأفرع الأمن السوري به، مؤكدًا أنه ليس بحاجة إلى أي موافقة أمنية للعودة إلى العمل.

عنب بلدي

مقالات ذات صلة

الأسد يتهم أميركا وأوروبا بعرقلة عودة اللاجئين

Hasan Kurdi

جهود مجتمعية تدعم 1700 طالب سوري في دول الجوار

Hasan Kurdi

عدد الأطفال السوريين المحتاجين يصل إلى مستوى قياسي

Hasan Kurdi

ترحيب يقابله عدم رضا.. أبرز الردود على قرار محكمة الحريري

Hasan Kurdi

756 فلسطينياً يلقون حتفهم أثناء قتالهم بصفوف قوات النظام السوري

Hasan Kurdi

“قسد” والنظام السوري في ظلّ “قيصر”: الاعتماد على التهريب

Hasan Kurdi